ح د أ
الحِدَأَةُ كعِنَبَةٍ: قال الجوهريّ والصاغاني: ولا تقل الحَدأة بالفتح طائرٌ معروف، وكنيته أَبو
الخُطَّاف وأبو الصَّلت، يصيد الجِرذان، وكان من أَصيد الجوارِح، فانقطع عنه الصَّيدُ لدعوة
سيِّدنا سُليمان، عليه وعلى نبيِّنا السَّلام، ونقل أَبو حيَّان فيه الفَتْح عن العرب، ونقل شُرَّاح
الفَصيح عن ابن الأَعرابيّ أنَّه يقال حَدَأُة وحَدَأ بالفتح فيهما، للفأْس وللطائر جميعاً، وحكاه
ابنُ الأَنباريّ أيضاً، وقال: الكسر في الطائر أجود ج حِدَأٌ مثال حِبَرَةٍ وحِبَرٍ وعِنَبَةٍ وعِنَبٍ،

وهو بناءٌ نادرٌ، لأنَّ الأَغلب على هذا البناء لجمع نحو قِرْد وقِرَدَة، إِلاَّ أنَّه قد جاءَ للواحد،
وهو قليل، حقَّقه الجوهريّ، وأنشد الصاغاني للعجَّاج يصف الأَثافِي:
فخَفَّ والجَنَادِلُ الثُّوِيُّ
كَمَا تَدَانَى الحِدَأُ الأُوِيُّ
ويجمع على حِداء ككتابٍ، قال ابن سيده: وهو نادر، وأَنشد لكُثَيِّر عَزَّةَ:
لكَ الوَيْلُ من عَيْنَيْ خُبَيْبٍ وثابِتٍ وحَمْزَةَ أَشْباهِ الحِدَاءِ التَّوائِمِ

وعلى حِدْآن، بالكسر أَورده ابنُ قتيبة، والحُدَّى كالعُزَّى، وسيأْتي في المعتلِّ، لغتان في هذا
الطائر، قال أَبو حاتم: أَهل الحجاز يُخطِئون فيقولون لهذا الطائر الحُدَيَّا، وهو خطأٌ. قلت:
وقد جاءَ في حديث أَعرابيَّة في قصّة الوِشاح، وهكذا قيَّده الأصيلي. وجاءَ أيضاً
الحُدَيَّاة، بغير همزٍ، وفي بعض الروايات: الحُيِّئَة بالهمز، كأَنَّه تصغيرٌ، ذكره الصاغاني في
التكملة، قال: وصواب تصغيره حُدَيْئَة، وإن ألقيت حركة الهمزة على الياء وشدَّدْتها قلتَ
حُدَيَّة على مثال عُلَيَّة. قال الدَّميري: وفي الحديث عن ابن عبَّاسٍ "لا بأْسَ بقَتْلِ الحِدَوْ

والإفْعَوْ" ونقل عن الأزهري أنَّه قال: هي لغةٌ فيهما، وقال ابن السرَّاج: بل هي على مذهب
الوَقْف على هذه اللغة قَلْب الألف واواً، على لغة من قال حِدَا وأَفعى. والحِدَأَة بالكسر
سالِفَةُ عُنُقِ الفَرَسِ وهي ما تقدَّم من عنقه، عن الأَصمَعِيّ وأَنشد:
طَويلُ الحِداءِ سَليمُ الشَّظَى كَريمُ المِراحِ صَليبُ الخَرَبْ
الخَرَب: الشَّعر المُقشعِرُّ في الخاصرة. والحَدَأَة بالتحريك: الفأْسُ ذات الرَّأْسَيْنِ وهو
الأَفصح، كما أنَّ الكسر في الطائر أَفصح، وهذا على قول من قال إنَّ الكسر فيه لغةٌ أيضاً

أَو هي رأْسُ الفَأْسِ على التشبيه وهي أيضاً نَصْلُ السَّهْمِ على التشبيه ج حَدَأٌ مثل قَصَبة
وقَصَب، عن الأَصمَعِيّ، وأَنشد للشَّمَّاخ يَصف إبلاً حِدادَ الأَسنان:
يُباكِرْنَ العِضاهَ بمُقْنَعاتٍ نَواجِذُهُنَّ كالحَدَإِ الوَقيعِ
شبَّ أَسنانها بفؤوس قد حُدِّدَتْ،وحِداءٌ بالكسر ككتاب، ورواه أبو عُبَيد عن الأَصمَعِيّ
وأبي عُبيدة، وأَنشد بيت الشَّمَّاخ بالكسر. قلت: وهذا على قول من لم يُفرِّق بينهما، بل
جعلهما واحداً وزعم الشرقيُّ بنُ القطاميّ أنَّ حِدَاء وبُنْدُقَة قبيلَتان وهما حِداءُ بنُ نَمِرَةَ بن

سَعْدِ العشيرة وبُنْدُقَةُ بن مَظَّة واسمه سُفيان بن سلهَم بن الحكم بن سَعْدِ العشيرة، الأولى
بالكوفة والثانية باليمن، أَغارت حِداء على بندُقة فنالت منهم، ثمَّ أَغارت بندُقة عليهم
فأَبادَتْهم، فكانت تُفَزّع بها، ومنه قولهم: حِدَأَ حِدَأَ وراءَكَ بُنْدُقَة أَورده الميداني مي مجمع
الأَمثال والحَريري والزَّمخشري وغيرهم، أَو هي ترخيمُ حِدَأَةٍ قاله ابن السكيت، والعامة
تقول: حَدَا حَدَا، بالفتح غير مهموز، قال ابن الكلبيّ: يُضْرَبُ لمن يتباصر بالشيء فيقع عليه
من هو أَبصر منه. وفي الأَساس أنَّه يضرب لمن يُخَوَّف بشرٍّ قد أَظلَّه، وقال أَبو عبيدة: يراد

بذلك هذا الحِدَأَ الذي يطير، والبُنْدُقة ما يُرْمَى به، يضرب في التحذير. وحَدِئَ إليه وعليه
كفَرِحَ إذا حَدِبَ عليه ونَصَرَه ومَنَعه من الظُّلْمِ. وفي العُباب: وممَّا شذَّ من هذا التركيب
حَدِئَ بالمكان: لَزِقَ به عن أَبِي زيد، فاًنَّ هذا التركيب يدُلُّ على طائرٍ أو مُشَبَّهٍ بذلك.
وعن أَبِي زيد أيضاً حَدِئَ إليه حَدَأً: لَجَأَ. ويقال: حَدِئَ عليه إذا غَضِبَ وحَدِئَت المرأةُ
على ولَدِها: عَطَفَت عليه، فهو من الأَضداد. مُستدرك على المصنف. وقال الفرَّاء في
كتاب المقصور والممدود: حَدِئَت الشَّاةُ إذا انقطَع سَلاها في بَطْنها فاشْتَكَتْ عنه. وروى

أَبو عُبَيد عن أَبِي زيد في كتاب الغنم حَذِئت الشاة، بالذال المعجمة، إذا انقطع سَلاها في
بطنها. قال الأَزهريّ: وهذا تصحيف، والصواب بالدال والهمز، كذا في اللسان. وعن أَبِي
عُبَيد: حَدَأَ الشيءَ كجَعَلَ: صَرَفَ. والحِنْدَأْوُ هو الحِنْتَأْوُ وزناً ومعنًى. وممَّا يستدرك
عليه: الحُدَيْئة كحُطَيْئة: اسم جبلٍ باليمن، وقد تُقلب الهمزة ياء وتشدَّد.