[ltr] [/ltr]

[ltr]
عائدة من هناك....
لملمتُ ما بقي من عِقْد أعصابي
الــ أفرطه الوجل ذات ذهاب...
واستجمعت قواي...
واضعة زوادات الشوقِ في أقبيةِ الحنين...
أتوخّى بعد الوصول...غرقاً في لجّــــة كلام
يُنطِقُ سلطان الحكْـــيِ ويشلُّ أطراف القلق!
*******************

عائدة من هناك...
لم يخطربِبالِ عودتي أنَّ توجُّـــهَ كل حواسِّ فكري...
لم يكن إلّا صوب صوت خافت ملأ فراغ المكان أثناء قلق
بكلمات باهتة الملامح ....
أضاعت ما تبقى من نبرته على مرأى من مسمعي..
و خبا بريق المعنى بين السطــــــــــور....
*******************
بعد أن عدت من هناك....
لم يعد يعنيني أن أصيب في قراءته
أو أخطئ في خارطة صمتي ...
لم يعد يقلقني ملء الجدران بالقلوب المزيفة
فلا زال جدار الذاكرة يحفظ العديد من رموزها...
وحده قلبـــي الطاهر من دنس الخديعة والمكر
من سيقلق راحة رسائلـِـــهِ
كلّما كشَفَ حدسُه عن نواياها الضبابيّة
التي لم يفلح النبض في احتوائها بعد أن لفظها العقل
بُعَيْدَ انتهاء الربيع....وقُبَيْلَ نضج فاكهة الحروف
*******************
بعد أن عدت من هناك..
تفتّحت عيون القلب المغمضة....
وجمعت ببصيرتها أوصال أسئلـــة ....
لم تعد تغرف أجوبتهـــا من محبرته ....
بعد أن جف ما تأرّخ من صهيل حبرٍ
أدركه الشكـــــ .....فقضم صدقَ ما كان يوماً بيننا
بالـــــظنـــــــــــــــون....
زهرة ذبلت بتلات أحلامها...
أنّى سقط القناع عن الوجـــه المظلم للقمر ذات نوم....
وجـــهٌ....ذكّرَ الألـــــــــم بكل سادي ةٍ بموعد الجرح القديم
*******************
بعد أن عدت من هنـــاك....
أيقنت أنه لم يعد بوسعي أن أقنع نفسي
أن تلك الكـــذبة...كانت يوما ...فلتة من فلتات العشق!

بشرى العلوي الاسماعيلي
[/ltr]



عائدة من هناك .......... بقلم أديبة شاعرة باذخة حرف وإحساس عجنت التنقلات الزمكانية بمدلولات الرمز لنحصل في النهاية على قصيدة متميزة جعلت نهايتها قفلة متقنة الصنع لبداية متألقة
عنوان النص  ( عائدة  من هناك ) لوحده مفتوح التلقي والتأويل بحداثوية  باستخدام الاشتقاق  من الفعل ( عاد) فهنا رسالة تومئ بأمر ما لتسجل عبارة ( من هناك ) هذه الوقفة االنوعية بكل جدارة على دهشة  القارئ  لما سيقرؤه فيما بعد
لملمتُ ما بقي من عِقْد أعصابي
الــ أفرطه الوجل ذات ذهاب...
واستجمعت قواي...
واضعة زوادات الشوقِ في أقبيةِ الحنين...
أتوخّى بعد الوصول...غرقاً في لجّــــة كلام
يُنطِقُ سلطانلم يخطربِبالِ عودتي أنَّ توجُّـــهَ كل حواسِّ فكري...
لم يكن إلّا صوب صوت خافت ملأ فراغ المكان أثناء قلق
بكلمات باهتة الملامح ....
أضاعت ما تبقى من نبرته على مرأى من مسمعي..
و خبا بريق المعنى بين السطــــــــــور الحكْـــيِ ويشلُّ أطراف القلق



في هذين المقطعين اشتغلت الشاعرة على انتقاء المفردة الصاخبة  الطرح والمفعمة بالعمق الموغلة بالأسى الموشحة بالشجن
فهنا ترقد مشاعر متضاربة متناقضة بين ما كانت تتوقعه وما وصلت إليه
فكل ما كان لم يكن يستحق منها كل ما أضاعته من وقت في استجماع قواها النفسية والمعنوية التي أجهضها  سلطان جبار
وإن تعمقنا اكثر في توظيفات المعنى لوجدنا  كبرياء الأنثى الشرقية المشحون بالحزن المبطن الدامع الصامت
فتناهيدها واضحة جدا وكأن الجمل غيوما ماطرة الأسى  ... تخدمها مفردات الحنين والشوق  والوجل بالإضافة للغرق المحتوم في صخب الكلام الذي حمل صولجان الجمال  والخدر بذات الوقت
واجمل ما توقفت عنده عبارة  ( حواس فكري ) هذا التركيب الجميل الذي حول الروح والجسد لجملة من الأحاسيس المطلقة والتي باتت  مسيطرة على مفاهيمها  لتصل بنا إلى سبب أو لنقل تعليل أو تبرير ظهر كطلقة الرحمة لجواد سقيم
وهنا في المقطع الثاني تجسدت مفردة أخرى بكل لباقة و ذكاء توقيت ألا وهي  ( القلق )  وهنا  القلق بكل أبعاده ليس مستقرا في مكان وزمان ويفتح تأويلا أخرا بالنسبة للمتلقي  هل كان القلق قبل العودة أم هوسببا للعودة أم الفراغ الذي كان بسببه الذهاب كان أساسه القلق ولكن كنتيجة مصانة  من الشك أنها امرأة القلق  بكل يقين
ليخبو بريق المعنى بين السطور  وهنا إشارة واضحة لزمن فاصل بين لحظات ذهبية 
لتؤكد في المقطعين على ذات العبارة ( عائدة من هناك وكأنها تريد القول كل ذلك بسبب هذا ال هناك  وما نتيج عنه من صخب وضجيج نفسي  أرّق مضجعها غم الكبرياء ذو المساحة الصغيرة  بين السطور )
ولكن هذا الكبرياء قد نضج أكثر وكأن الشاعرة قد اختلفت كليا عما كانت عليه لتأتي المقاطع الثلاثة الأخيرة  مساحة العقل الكبيرة وانتصاره على منطق القلق و هوى القلب وهذا ما أفادتنا به عبارة ( وبعد أن عدت  من هنا ) لتأتينا بخير يقين عن قاتل ال ( ما كان )
شك  / مكر / خديعة /  ظنون /  قناع /  كلها تصب في بحر الألم والقناعة بعدم جدوى ما كان
ليولد اليقين من بعد صراع وتجربة مريرة لامرأة  عفتها صدقها وطهرها مهر قلبها ...
لكن ما الذي يتوقف لديه  المتلقي تلك التراكيب اللغوية والبلاغية العميقة بين صور ومجزوء صور
التي استطاعت الشاعرة من خلالها أن توصل فكرتها بلا تعقيد وبأسلوب شيق ممتع
من خلال تقسيم القصيدة لمراحل أفادت الأبعاد النفسية والاجتماعية المغمورة في القصيدة
وكذلك حتى نهاية القصيدة لم تحدد الشاعرة من هذا ال هناك ( وهنا يمكن التخمين بكثرة هل هو رجل خائن  / مجتمع قاس/  أم
مثالية  زائدة في روح أنهكتها الحساسية المفرطة في مواجهة ذئاب بشرية و مواقف عدوانية 
وأيا يكن اليقين في ذات الشاعرة فقد استطاعت برمة القصيدة أن توقظ قضية حساسة جدا لمن يعطي بوفاء ويقابل بسوء الجزاء
سواء شريك أو مجتمع .... لتأخذ قناعتها بما يجب أن يكون ضمن كل الظروف هو الشيء الأكثر إصرارا على البقاء
وإن كانت قد أشعلت في كلمة العشق في نهاية القصيد حريق مختلف القنابل ومتعدد الجنسيات
 
دمت بود غاليتنا وأديبتنا بشرى
لمزيد من تألق