انزلوا ذلك النعش الذي هد ركن طفل كان ينظر الى الافق بعين تقطر الدموع ، خمسة كانوا حول النعش وامراة تصرخ بجانب قبر لايبعد سوى امتار عن اولئك الرجال ، صمت مطبق في الارض التي نزلوا فيها تلك الليلة الداكنة ، انهم ينتظرون ، ينظرون الى الارض ، حيث كان المعول يحفر ببطئ شديد ، ارض صخرية لا يحركها المعول ، فهو يكاد يرتد على صاحبه ، الضجر باد على ركاب تلك المركبة المحطمة للصمت ، ووجوه تنظر الى ذلك الطفل ، ونعش اخر يمر الى جهة الشرق ، ومعول يسمع من بعيد ...
غاب الصمت في صوت المراة التي تستنشق الحسرات ، لم تظهر لها ملامح من اثر تلك الرمال التي جعلت من غضارة وجهها بؤسا وحسرة ...
ركض الطفل اليها ، بكى وارتمى بحضنها ، ضمته اليها ...
- لم تبكين ؟؟؟
- لم ابك يا ولدي ، ولكني فرحة لانك رجل وتفهم !!!
- واين ابي ؟؟؟

لم تتكلم ، اشارت الى النعش ... التفت وكان الدنيا التفتت معه
- لا يوجد ابي انهم رجال غرباء !؟
- هناك ابوك ...

بحث حول الرجال ، نظر الى تلك الحفرة ، ذهب الى ناحية الغرب ، سمعه ركاب المركبة الثانية ، ابتسموا في سرهم ... وهز احدهم يده
شخصت عيناه على ذلك الصندوق ، ارتجف قلبه ، وأعضاؤه تدق نبضاته ...
اقترب إلى النعش ، لم يحاول أي رجل من الرجال الخمسة ان يبعده ... بل همهم احدهم : افتحه!؟
فتح النعش : لم يجد أي شيء ...
نظر الى الرجل الهرم ...
- اين صاحب هذا النعش ؟
- تركناه خلفنا ينظف بستانه ....

خرج صاحب المعول ، نكث يديه .
نظر الطفل الى الارض ، رمى بنفسه على تلك التلة الرملية
اخذته المراة
وركب الرجال المركبة
بينما بقى هو هناك ... يودع ركاب المركبة الثانية