المصطلح والولادة:

- يطلق مصطلح الشعر المعاصر على الشعر العربي الحديث الذي أخذ يطغى وينتشر منذ حوالي عام 1950م ويتصف بعدة صفات منها( خروجه على الأوزان الشعرية المعهودة) .
- وقد بدأ شعرنا يتغير منذ بدايات القرن العشرين, عندما بدأ يتحوّل من الشعر الغنائي إلى الشعر الدرامي , فعرف القصة الشعرية والمسرحية الشعرية على يد خليل مطران وأحمد شوقي والأخطل الصغير, وكان الخروج على الوزن فيها يعد نتيجة طبيعية للمؤثرات الاجتماعية والثقافية من جهة ولتطور القصيدة العربية من جهة أخرى.
- يمكن أن نطلق على الشعر الجديد اليوم اسم ( شعر التفعيلة) لأن ركيزته الأساسية هي التفعيلة , وهو تمييز شكلي صرف.

ممهدات شعر التفعيلة:

- احتجاج أبي العتاهية على العروض التقليدي.Sad أنا أكبر من العروض).
- التجديد في الشعر الذي كان ينظم للغناء.
- الموشحات ثم الثنائيات والرباعيات والمخمسات.
- الخروج على نظام التفعيلة والعروض في أوائل هذا القرن كما في قصيدة النهاية لنسيب عريضة, ومنها:


كفنوه
[/right]
وادفنوه

أسكنوه

هوّة الحد العميق

واذهبوا لاتندبوه

فهو شعب ميتٌ

ليس يفيق


- المزج بين وزنين معاً , كما في قصيدة (المواكب) التي نظمها جبران عام 1919
- هناك اختلاف على الأولوية والسبق في الشعر الحديث بين مجموعة من القصائد منها:
قصيدة الشراع للشاعر خليل شيبوب عام 1932
وقصيد السياب : هل كان حباً

وقصيدة نازك الملائكة : الكوليرا
وكلاهما نظمتا قبيل منتصف القرن العشرين.



خصائص شعر التفعيلة:

1- يساعد في عدم الوقوع في الحشو,ويمنح الشاعر حرية واسعة ومرونة لايمنحها نظام الشطرين.
2- تنوع القوافي الذي يؤدي للتحرر من سلطانها , وتنوع الأنغام بما يقرّب النص الشعري من السمفونية.
3- الابتعاد عن النمطية في نظام الشطرين , خاصة إذا تشابهت القصائد في الموضوع والوزن والروي.
4- الابتعاد عن التقرير والخطابية والاقتراب من البوح الرقيق والهمس الصافي.
ورغم ذلك فقد نجد الخطابية في شعر التفعيلة , وقد نجد الهمس الرقيق في شعر الشطرين كما في قول القروي:

إلى أخوة كفراخ القطا
وأم على أمرهم قائمة
إذا عبس الدهر في وجهها
تظل لهم أبداً باسمة
فيارب رفقاً بهذي الفراخ
وأبق لهم أمّهم سالمة

5- يساعد في جعل الحوار رشيقاً وتقريب القصيدة من العمل الدرامي كالنثر, كما جاء في قصيدة (أوراق أبي نواس) للشاعر أمل دنقل:


نائماً كنت جانبه

وسمعت الحرس

يوقظون أبي:

- خارجيٌّ.....

- أنا ؟؟؟؟

- مارقٌ.......

- من.....أنا؟؟؟؟

- صرخ الطفل في صدر أمي.

6- شعر التفعيلة يساعد في استخدام الصورة الشعرية استخداماً عضوياً, وهذا يتطلب مرونة في الشكل, كما يستخدم الأسطورة والرمز الموحي الناتج عن رؤية جديدة, وفيه الإيحاءات الكثيرة كما نرى في ( أنشودة المطر ) للسياب, حيث يقول:


مطر....

مطر..

مطر....

وفي العراق جوع

وينثر الغلال فيه موسم الحصاد

لتشبع الغربان والجراد

وتطحن الشوّان والحجر

رحىً تدور في الحقول حولها بشر

مطر....

مطر.....

مطر....

ومنذ أن كنا صغاراً , كانت السماء

تغيم في الشتاء

ويهطل المطر


- والرموز هنا شفّافة موحية, فالغربان والجراد هم ( المستغلون)
- والمفارقات بين الخير العميم والجوع الدائم ( رمز المعاناة الكبيرة القاسية لوطن كبير)
- فالسماء تجود على الأرض, والإنسان دائم الجوع, وهناك معادلة بين الخير والجوع ,
- وهذه المعادلة فقدت من أحد طرفيها سبباً مباشراً والشاعر يبحث عن هذا السبب.
7- شعر التفعيلة يساعد في تحقيق وحدة القصيدة والتخلص من وحدة البيت, فالقافية تقف عائقاً دون تواصل الحركة ونموها نمواً عضوياً .