برق الضاد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

برق الضاددخول

منتدى ادبي شامل يعني بفروع الادب العربي


descriptionحصريرياح من الذاكرة

more_horiz
الشخصيات :


كنان : رجل
أعمال شاب


أيهم :
مساعد كنان


سالم : رجل
أعمال فاحش الثراء


شيماء :
ابنة سالم


شادي : لا
أحد يعرف عمله وهويته وحتى هو!


نور الدين
: المستشار القانوني لسالم


تامر :
مساعد سالم


أوغاريت :
ممثلة


ريبال :
رسام





المشهد
الأول ( القاعة الفخمة بقصر سالم )


دخل كنان
القاعة الفخمة مع أيهم لإبرام صفقة مع
سالم ، وبعد لحظات من جلوسهما على الطاولة
قال سالم : أراك تحدق بعمق بهذه اللوحة ، أأعجبتك ؟


كنان : نعم
، فيها شيءٌ مميز ، و استغربت وضعك لها بصدر القاعة .... لم أعرف قط أنك تهتم
بالرسم والفن


سالم : أنا
لا أهتم بالرسم ولكن اللوحات تضفي الفخامة لغرفة بسيطة إن علقتها على جدارها


أيهم : هذا
محزن ... من الواضح أن رسام هذه اللوحة منكوب الآن !


نور الدين
: لماذا ؟!


أيهم :
نكبة أية رسام أن يحصل على لوحته شخص سيعلقها على جدار من الإسمنت لا على جدار من
المشاعر بأعماقه


تامر
: ألن يشفع للسيد سالم تعليق اللوحة بصدر
قاعة بهذه الفخامة ؟!


كنان : لو
كانت الماديات تهمه لما عمل فناناً


سالم :
تتحدث عن الرسام وكأنك تعرفه


كنان :
أليس الرسامين يبعثرون أنفسهم على لوحاتهم ؟!


و ألوانها
ما هي إلا دمائهم .... وروحها ما هي إلا ماضيهم وذاكرتهم


سالم :
سأهديك اللوحة إذاً يا سيد كنان


كنان :
أشكرك على كرمك


أيهم :
والرسام سيشكرك أيضاً لأنك فككت نكبته!


نور الدين
: ولكنك لم تسألنا حتى عن هوية رسامها


كنان : لا
داعي لذلك يا سيد سالم ، ستخبرني اللوحة عن رسامها فهذه هي وظيفتها ، هذا ما رسمها
من أجله


سالم :
يساورني الفضول...أتستطيع أن تخبرني ما أخبرتك به اللوحة عن رسامها ؟!


كنان : لا
يمكنها أن تخبرني عن من يكون رسامها ، تستطيع إخباري عن من كان عندما قام برسمها


تامر :
إذاً أخبرنا من كان عندما رسمها ، هيا يا رجل ، أبهر السيد سالم على قدرتك بلمس
الأشياء !


كنان :
السواد والظلمة يخيم على اللوحة ، إنه يعيش حالة من الحداد والكآبة


أيهم :
ماذا عن الأزرق القاتم ؟...لقد أكثر منه باللوحة


كنان : لا
أعتقد أن هذا اللون يعني شيئاً ، فالرسام
غوغ لأنه لم يكن بحوزته سوى اللون الأصفر رسم الكثير من اللوحات لحقول
الشمس ،وبما أن رسامنا يبدو ناشئاً... ربما لم يتوفر له سوى بضعة ألوان ليلقي بها
ما يخالجه من مشاعر


تامر :
الرجل باللوحة ، ربّاه ... عيناه دامعتان وتبدو وكأن دموعه ترشحان من اللوحة كجدار
كوخ حقير في ظل أمطار غزيرة


أيهم : كان
قد أخرج جزءاً من جسده وقد خلف ثقباً تلهو من خلاله الرياح


كنان : لقد
فقد عزيزاً، وهو يشعر بفقدانه بعمق ، يشعر بأن جزءاً منه قد فقده معه ........ لقد
فقد ابناً !


أيهم : كيف
عرفت ذلك ؟!


كنان : الرجل
باللوحة يدفن جزءاً من جسده بالتراب


قاطعه أيهم
: لربما فقد حبيبة


كنان : لو
فقد حبيبة لكان الرجل دفن قلباً ولكنه دفن كبداً وكما هو معروف لدى العرب فإن
الكبد يرمز للأولاد ، وأما كون الرجل يدفن كبده بألم باد على وجهه بصحراء قاتمة
فهذا يعني الشعور العميق بالوحدة ، بكونه يلتهم رغيف الحزن لوحده


نور الدين
: أنت حقاً بارع !..تبدو وكأنك قارئ خرافي للفنجان !


أيهم :
الفرق أن قارئ الفنجان يتنبأ بالمستقبل و كنان يتنبأ بالماضي من خلال لوحة !


تامر :
علينا تسميته إذاً بقارئ اللوحات !


سالم : يا
إلهي ! أهذه دمعة تنساب من عينيك يا سيد كنان؟!


كنان : أنا
أيضاً والد مفجع على ابنه ، لقد خسرته إثر حادث سيارة ، كان لا يزال طفلاً ، وهذه
اللوحة هي كل ما تراءى بمخيلتي عندما دفنته ، أشعر وكأنه كان يرسمني ... يرسم ألمي
وحسرتي على ابني


أيهم : لقد
مضى على رحيل ابنك زمناً طويلاً ، أما آن لهذا الجرح أن يلتئم !


كنان :نحن
لا نشفى من فقدان الأحبة حتى نتبعهم إلى تلك النهاية القاتمة ، ونشرب من الكأس
الذي شربوا منه


أيهم : هذا
مروع !..


سالم :
أيها الخادم ، أملأ كأس السيد كنان


( يخطأ
الخادم ويسكب الشاي على قميص كنان ) كنان
: آه !.. اللعنة !..


سالم :
أيها الخادم الغبي انظر ما لذي فعلته


الخادم :
أقدم اعتذاري الحار يا سيدي


كنان : لا
بأس أريد فقط تغيير قميصي


سالم
:يمكنك تغيير قميصك بالغرفة المجاورة ، أيها الخادم أحضر للسيد كنان قميصاً...


شيماء :
سأحضره أنا


المشهد
الثاني ( غرفة مجاورة للقاعة )


( يدخل
كنان الغرفة ويخلع قميصه ثم تدخل شيماء ابنة سالم حاملة قميصاً آخر له)


شيماء : آه
... يا إلهي ، ما هذه الآثار على ظهرك ؟!.. إنها آثار جلد عميقة


كنان : لا
شيء ... لا شيء


شيماء
: هنالك من جلدك بقسوة ، من فعل هذا
بك


كنان : قلت
لك لا شيء


شيماء :
حسناً ، إن لم ترد إخباري فأنا لن أجبرك على ذلك


كنان :
عودي أرجوك ، سأخبرك بكل شيء


شيماء :
لماذا غيرت رأيك ؟


كنان :
لأنني أدركت بأن علي إخبارك ، أنت الشخص الأمثل لإخباره ما جرى لي ، لست صديقاً
مقرباً ليؤثر تاريخي على صداقتنا ، وليذكرني بكل لحظة بذلك التاريخ ، أنت لا
تعرفيني ، لا تهتمين بماضي ومستقبلي وحاضري ... وبكلماتي ، كورقة خفيفة ... اكتب
بها كل ما يخالجني من مشاعر و أفرغ بها كل أحزاني ثم أطيرها إلى حيث لا عودة ،
الأمر سيكون كإفراغ حمولة ثقيلة ، ما عدت قادراً على حملها أكثر ، أخرج كل ما
بداخلي و أرميه بآذان شخص لا يكترث لأمري ولن تتسرب كلماتي إليه أبداً وسينساها ما
إن نخرج من الغرفة ويبقيها هنا ، بين التماثيل الصامتة ... التي لن تستطيع أن تشي
بها أبداً


شيماء :
إذاً ماذا جرى لك ؟ ..من فعل بك هذا ؟


كنان : قام
به شخص يفترض به أن يمنحني تربيتات حنونة على ظهري لا ضربات سلسلة حديدية ، جرى لي
هذا عندما كنت بالثامنة عشر من عمري ... كنت أعيش بكنف والدي ، كان شخصاً ... لا
بل كان شخصين ! كان شخص متناقض بكل شيء ، أرادني أن أنتسب للجيش ، ولكنني رفضت ذلك
بأعماقي ، أردت أن أجتاح عالم المال فقط ، كنت قد قرأت الكثير من الكتب
الاقتصادية وأحببت أن أكون رجل أعمال ،
ولكنني لم أجرؤ على أخبار والدي


شيماء :
لماذا ؟...لأنك لم تكن تريد تحطيم أماله بأن يراك عسكرياً


كنان : لست
أدري لماذا ربما لأنني لم أكن أراه والدي ، لطالما كان مصدر إرهاب وخوف بالنسبة لي
والبيت كان مجرد ثكنة عسكرية ، ولكن الأمر تغير عندما رأى أبى كتب اشتريتها من
كلية الاقتصاد على طاولة غرفتي هرع أبي إلي و سألني إن كانت هذه الكتب لي أجبته
بنعم ، أجبته بكل قوة للمرة الأولى ولا أدري كيف جاءتني هذه القوة ربما لأنني
أردته أن يعرف أنني حر بقراراتي ومستقبلي


شيماء :
كيف كانت ردة فعل والدك ؟


كنان : لقد
جنَّ جنونه ، ليس لأنه كان يتوق لأن أصبح عسكرياً ، ولكن لأنه لم يعتد على كلمة لا
كرّد ، وخاصة مني ، أنا الذي اعتدت على الصمت والقبول ، وفجأة وجدته يجرني إلى القبو
ويضربني ضرباً مبرحاً بالسلاسل الحديدية ، كنت أرى اللحم يتطاير من ظهري بكل ضربة
، لم أتخيل أن أجد منه كل هذه القسوة عندما أخبرته ، كان الأمر مروعاً ... سجنني
بالقبو ، كان ينزل ويضربني بين كل ساعة وأخرى ، أرادني أن أصرخ له أنني تحت طوعه
مجدداً و سأتنازل عن تمردي على قراراته و
مخططاته الخاصة لحياتي أنا !.. ولكنني لم أفعل ، كنت أرى نفسي أدافع عن ما أؤمن به
و هذا ما أعطاني قوة لم أعتقد أنها بداخلي يوماً ، وهذا ما ساعدني على الصمود و
مجابهة الألم المبرح


شيماء :
إذاً ، كيف خرجت من القبو و من قسوة والدك ؟


كنان : لقد
نجحت من تجاوز الألم ومن ترجمته إلى حافز للاستمرار ولكنني لم أتجاوز ضعف جسدي
أبداً ، أذكر أنني أغمي علي ، ثم استيقظت عند طبيب القرية ، كان عمي قد استطاع
سحبي وجري إلى هناك بغفلة من أعين أبي


شيماء :
وهل ترككما والدك ؟


كنان :
بالطبع لا ، تبعنا إلى هناك حاملاً بندقيته و اقتحم عيادة بغضبٍ عارم ، ولكنه
عندما صوب البندقية نحوي صمت للحظات وهو يحدق بعيني ، ثم أنزل بندقيته وقال لي
" لا تعد للمنزل ، أنت لم تعد ابني !" كانت هذه الجملة أسوأ من كل ساعات
التعذيب التي قضيتها بذلك القبو


شيماء : يا
للهول ، كل هذا جرّاء قرارك بالدراسة والعمل !


كنان : لا
، هذا جزائي لأنني رفضت أوامره ، لأنه يحق للضابط قتل مجنده إن رفض تنفيذ الأوامر
، وها قد قتلني عبر رفضه لي


شيماء :
وماذا حدث بعدها ؟


كنان : لا
شيء، لم أعد إلى البيت وغادرت القرية وحققت ما أريده ، و ها أنا ذا ملطخاً بأحداث
ماضي لم أخبر أحداً عنه ولم أستطع تجاوزه مطلقاً ، أشعر أنني لازلت أعيش به حتى
اللحظة ، قال لي طبيبي بأنني أستطيع إزالة آثار الجلد عن ظهري عن طريق جراحة ولكن
أية جراحة تستطيع إزالة آثار ما حدث عن قلبي


شيماء :
بماذا تشعر الآن ؟ ...أقصد حيال والدك


كنان :
بالكراهية ، كم حاولت ألا أكرهه ولكن لم


استطع فعل
ذلك ، ألا أكرهه معناه أن أنسى وأنا لا أستطيع أن أنسى ، كيف لي أن أتخلص من حقد
يمزقني كم من المريع أن أحقد على أبي وهو من المفترض أن يكون أغلى إنسان على قلبي


شيماء : لم
لا تتحدث إليه الآن ، لربما غيرت الأيام من طبيعته القاسية كصحراء قاحلة


كنان :
أخبرني عمي أن والدي توفي قبل عام ، حتى بعد وفاته لم أستطع مسامحته أبداً


شيماء :
أنت تحتاج من يخرجك من سجن الكراهية ذاك ، هذا ما تتوق إليه روحك ، أن تتحرر من كل
مشاعر الكراهية التي تقيدك بإحكام


كنان : أنت
محقة ، أنا أحتاج إلى أن أتحرر من زنزانة حقدي على والدي ، عندها سأتخلص من كل
أرقي وأوجاعي


شيماء :
أنا سأساعدك كي تتخلص من قيود الكراهية ولكن عليك مساعدتي من التحرر قيود أخرى


كنان : وما
هي ؟


شيماء :
أنت تقول أن الكره موجع وأنا أقول أن الحب أيضاً موجع ، أنا عندما وقعت بالحب شعرت
بأجمل ما يمكن أن تشعر به أية فتاة ، ولكن شعور آخر تملكني أيضاً وقتها وسيطر علي
، جعل مني فتاة من الصعب حبها ، جعل مني وحشاً أخضر العينين ..


كنان :
الغيرة ؟


شيماء :
نعم ، الغيرة التي تكاد تقتلني ، أريد أن أكون الفتاة الوحيدة بالعالم بعيني حبيبي
فإن كنت كذلك سأكون أسعد فتاة بالعالم


كنان :
ماذا تريدين مني أن أفعل ؟ هل تريدين أن أقتل كل نساء العالم أو أن ألوح بعصا
سحرية و أسحر عيني حبيبك ؟!


شيماء : إن
كنت لا تستطيع فعل كل هذا خلصني من هذا
الشعور الذي يأسرني


كنان : أنا
أخلصك من غيرتك و أنت تخلصيني من كراهيتي حسناً ، اتفقنا


شيماء :
اتفقنا





(دخل شادي
حاملاً كيساً أسود )


شيماء :
حبيبي !


كنان (
جانباً لشيماء ) : أهذا حبيبك ؟! كان بالأسفل يحمل سلماً حديداً ، وكاد أن يضرب
رأسي وهو يلوح بحماقة به فقد كان أثقل من أن يستطيع حمله


شيماء :
أعرف ، أليست حماقته رائعة ؟!


كنان :
لابد وأنه ضرب رأسك بذلك السلم !


شادي ( وهو
يخرج فستاناً أحمراً من الكيس ) : هذا الفستان الأسود اشتريته لك لأنني أعرف كم
يبدو اللون الأخضر رائعاً عليكِ!


كنان :
أهذا من تغارين عليه ؟!


شيماء :
أشكرك يا حبيبي على هذه الهدية الرائعة


شادي :
والآن علي المغادرة ، علي الذهاب إلى مشفى الأمراض النفسية والعقلية


كنان :
أتريد العودة للبيت باكراً؟!


شيماء :
لماذا تريد الذهاب إلى هناك ؟


شادي : من
أجل التبرع بالدم


شيماء : يا
حبيبي المحسن !


كنان :
تتبرع بالدم .... بمشفى الأمراض النفسية!


شادي :
والآن اعذريني ، علي الذهاب الآن قبل الشروق


كنان :
الوقت الآن هو الرابعة عصراً !


(بعد خروج
شادي )


كنان : بعد
أن قابلت حبيبك أؤكد لك أن لا سبب يدفعك للغيرة عليه


شيماء :
ماذا لو قابلته فتاةً ما ورأت به ما رأيته أنا به


وتقع بحبه


كنان :
وماذا رأيته به ؟


شيماء : روحه
تحلق بمكان ما بعيداً عن جسده


كنان :
أراهن أن عقله يحلق مع روحه أيضاً


شيماء :
كنان ، لا يمكن لأية لأحد تفسير أو تبرير عشقه لأحدهم ، فلا تسلني عن سبب حبي
لشادي


كنان : أنت
قطعاً محقة


( يدخل
أيهم )


أيهم :
سيدي ، لقد غادر السيد سالم القصر ، لقد حدث أمر طارئ بإحدى شركاته وذهب إلى هناك
، قالوا لي بأنه سيتغيب لعدة أيام .


كنان :
حسناً ، سأنتظره هنا إلى أن يعود


أيهم :
وماذا عن عملنا ؟


كنان : عد
إلى هناك أنت و استأنف العمل ، ألست نائبي؟


أيهم :
حسناً يا سيدي


( يخرج
أيهم )


شيماء :
لماذا لم تعد لعملك وشركتك ؟


كنان
: لأنه لدينا معضلة تحتاج حلاً ، في
الواقع مهمتي صعبة .... أحاول إيجاد حل
لمشكلة غير موجودة!


شيماء :
سأذهب إلى حجرتي ، وعندما تجد حل لمشكلتي سأجد حل لمشكلتك


( تخرج
شيماء)


كنان :
أرجوك يا إلهي ، انزع عني الكراهية ... ذلك الحبل ، حبل الأشواك السوداء الذي لا
يخنق سوى صاحبه ، أرجوك يا إلهي دعني أبات ليلتي صافي القلب وروحي قد تحررت أخيراً
من حقد لا ينفك يمزقني ويلقي بعتمته الداكنة على أجمل ما في داخلي من مشاعر أرجوك
يا إلهي أنزع عني الحقد ، فما عدت أريد أن أكره ... أريد فقط أن أحب ، فقط أن أحب











( يدخل
شادي )


كنان : ماذا تفعل هنا ؟ ألم تذهب إلى المشفى ؟


شادي : بلى
ذهبت و أفلت منهم بصعوبة ، أتصدق أنهم أعتقدوني مجنوناً؟!


كنان
(ساخراً ) : لا ، مستحيل!


شادي : هذا
ما حدث ، إذاً ... أين شيماء ؟


كنان :
ذهبت إلى حجرتها ... كيف تجد حبها يا شادي ؟


شادي :
لطالما تساءلت ... كيف شخص مثلي حصل على شخص مميز مثلها


كنان :
وأنا أيضاً يا صديقي !


شادي :
حبها يرفعني إلى ما فوق السحاب تارةً ويجرني إلى قاع بحيرة جميلة تارةً أخرى ،
عندما تملكني حبها تملكني ذلك الشعور الغريب .. سعادة ممزوجة بحزن ، وألم ممزوج
بلذة ... كلما جاء لقاء يتلوه فراق ، وعندما أتلمس أعماقي بعتمة ليلة ساكنة أجدها
بين نبضاتي متدثرة بأعظم أشواقي المنتحرة هنا وهناك ، حيث استحال قلبي مقبرة
لمشاعر انتظارها ، وفي ساعات الصباح الأولى .. حيث تعكس كل حبة ندى رقيقة وجهها أغلق
بابي أمام كل إنسان كي لا يعكر أحد لقائي السري بها ، واسجن نفسي بغرفتي أوقظها
بأعماقي .. وأقضي يومي و أنا أبحث بقواميس
اللغات عن كلمة تصف لها بعض ما أشعر به ،
إذا سألتني عن الحب أخبرك تجربتي به .. تتحول من رجل حر إلى مملوك من قِبل امرأة
لا تحمل سوطاً ... بل عينين جميلتين تجعلك ككومة من الخيطان تدحرجك وتلهو بك كقطة
، تذيبك كقطعة جليد صغيرة تناطح شمساً ، برمشه تميتك ثم تحييك ، تشعرك بدوار شديد
كمحيط واسع بفعل نظرة واحدة ، وأما ابتسامتها فلا تدري كم فيضان تحدث في
داخلي لتجرفني إلى مهاوي عشقها الأبدي
وضحكتها ..أهٍ حتى الأشواك تزهر جرّائها ، أرأيت كم معجزة أحدثت هذه المرأة بي
؟!..














كنان :
المعجزة الحقيقة هي أنها جعلتك تتحدث بهذه الكلمات !.. ( ثم همس جانباً ) : ولكن ،
أليس الحب خُلِقَ للمجانين ؟!.. هم فقط يستطيعون الإبداع من خلاله


شادي ( وهو
يمسك بتمثالٍ صغير ) : لقد لامست أناملها هذا التمثال المحظوظ ، من فرط حبها للوحات وللفن تمنيت أن
أستحيل لوحة تعلقها بأحد جدران غرفتها تحدق بي للحظات ،وأحاول إشباع نهم أنظاري
منها لساعات وساعات، لطالما اعتقدتها تمثالاً من تماثيل فينوس تحركت وتركت معبدها
لتضخ الحب والسعادة بقلب بائس مثلي !


كنان : هذا
مذهل ، لقد لامست شيماء هذا التمثال بالفعل قبل لحظات ، كيف عرفت ذلك ؟!


شادي : من
رائحتها ، أميزها من بين آلاف النساء ، تذكرني رائحتها بياسمين الشام تلك الرائحة
التي تشعرني بالحنين إليها ، و أستطيع أن أشتمها من قميصك أيضاً ... وكيف وصلت إلى
هناك .. هذا سؤال وجيه حقاً؟!


كنان : لقد
أحضرت لي هذا القميص بعد أن أنسكب الشاي على قميصي


شادي : على
كل حال ، سأغادر الآن فلدي عمل أقوم به


كنان : وما
هو هذا العمل ؟


شادي : ليس
لدي أدنى فكرة


كنان :
وهذا ما توقعته ، لم لا تبقى لنشرب الشاي سوياً


شادي :
القهوة؟..لا ، لدي حساسية ضد الحليب ، والآن وداعاً


(يخرج شادي
)


كنان :
يستطيع تمييز رائحة شيماء من بين آلاف النساء هذا الأمر جاءني بفكرة !


(تدخل
شيماء )


كنان :
شيماء علينا التحدث ، سألقي عليك اقتراحاً بشأن شادي


شيماء :
وأنا كلي آذان صاغية


كنان :
عليك دعوة كل النساء اللواتي عرفتهن بحياتك واللواتي لم تعرفيهن إلى حفل تنكري ،
وعلى الجميع ارتداء الأقنعة


شيماء :
لماذا؟!


كنان : من
أجل شادي ، إن عرفك من بين عشرات النساء وأنت ترتدين قناعاً ، ستكونين حقاً المرأة
الوحيدة بعينيه وستتخلصين من غيرتك للأبد


شيماء :
وكيف سيستطيع فعل ذلك ؟!


كنان : سيهتدي
إليك عن طريق قلبه


شيماء:
حقاً .. آهٍ إن حصل ذلك ، إن مضى إلي دون كل نساء الحفل سأكون حقاً المرأة الوحيدة
بعينيه ،كنان.. ما رأيك لو أزلت حماقته أيضاً بعد أن تزيل غيرتي؟


كنان :
سيدتي ، أنا رجل ذكي ولست صانع معجزات!


شيماء :
حماقته هي ما جذبني إليه ولكن أخشى أن تكون سبباً في رفض والدي له


كنان : لن
ألومه ، إذاً.... ماذا عني ؟


شيماء :
لقد فكرت بقصتك مليّاً ، وفي الواقع ذكرتني بقصة شاب ترك ديانته فضربه والده
ضرباًَ مبرحاً وتبرئ منه لم يفعل ذلك لأنه يكرهه بل لأنه يحبه


كنان : و
كيف ذلك ؟!


شيماء :
لأنه يعتقد أن دينه هي الديانة الصحيحة التي ستؤدي به إلى الجنة وأن ابنه بتغييره
لدينه سيذهب إلى الجحيم ، كان يريد فقط سحب ابنه من قاع جهنم ... كان يعتقد أنه
يفعل كذلك


كنان :
ينقذ ابنه عن طريق السوط ، يسحبه من الجحيم ويزجه في جحيمٍ آخر ، جحيم الصمت
والكثير و الكثير من الكبت وعدم الرضا


شيماء :
لابد وأن الدك كان يحاول أن يراك إنساناً أفضل و باعتقاده أن العسكرية ستجعل من
مستقبلك أكثر إشراقاً


كنان : لو
كان يريد لي الأفضل لتركني أقوم بما أحب أن أفعله ، بما سأكون سعيداً إن عملت به ،
لا شعور أسوأ من أن تكون حياتك كرة بين أقدام غيرك ، لا أسوأ من أن تكونين مقيدة
بقرارات غيرك و تطحنك الأيام وأنت لا تزالين متدثرة بعباءة "ماذا أفعل يا أبي
؟!" وتتصرفين وكأن قراراته كتاب مُنزل من السماء وفرض عليك ...أن تقبلي
بالعبودية معناه أنك لا تستحقين الحرية ، وهذا ما رفضته أنا ، أن أكون عبداً
مطيعاً لوالدي


شيماء :
ماذا عن توقفه عندما أراد قتلك ؟


كنان :
بالطبع لم يتوقف حباً بي بل لأنني لست سبباً يستحق أن يُلف حول رقبته حبل المشنقة
من أجله!


شيماء :
كيف سأغير نظرتك إلى والدك ؟!..


كنان : عبر
تحويل ذاكرتي إلى ذاكرة سمكة صغيرة !


شيماء :
أنا جادة!.. أنت تجادل بفكرة حفظتها عن ظهر قلب وآمنت بها لسنوات ، ولستَ - لهذه
اللحظة - مستعداً لتغييرها مهما قدمت لك من براهين ، كيف لي أن أغير أفكارك وأنت
متمسك بها ؟... لا أقول لك ارمي فكرك لتلهو بها الرياح فمرةً تأخذها لليمين ومرةً
تأخذها للشمال، فقط كن مستعداً لتغييرها عندما يفحمك أحدهم فالحمقى فقط هم من لا
يغيرون آرائهم ، لقد تجادلت مع شادي مرةً ، قال لي أن القمر هو مجرد غبار فضي ينبعث من أجنحة الملائكة عندما ترفرف بسكون
الفضاء الرحب وحتى عندما أريته شريطاً يظهر أول إنسان يحط على ظهر القمر وظهر به
القمر على حقيقته من أرض وحجارة لم يصدق كل ما رآه وبقي على رأيه ، أقسم لو أنني
أرسلته بمكوكٍ فضائي للقمر لبقي على رأيه .


كنان :
بالرغم من أنني لا أختلف معك بكون شادي أحمقاً إلا أنني أفهم طبيعة أية إنسان من
أنه لا يحب تغيير أية صورة جميلة بحياته ، لا يريد للقمر أن يكون عادياً ليس لأنه
لا يصدق أنه كذلك ، يريده أن يبقى بعينيه ساحراً وأسطورياً ، ينير تحت وطأة أجنحة
الملائكة


شيماء :
كيف ترى والدك إذاً ؟ لماذا فعل كل هذا بك ؟.. أية سبب آخر غير الحب دفعه لفعل ذلك



كنان : حب
السيطرة ! ... وأخبريني أية حب يدفع الإنسان لضرب محبوبة وطرده من البيت ؟!


شيماء :
عليك أن تعدني بأن تفتح باب التغيير أمام أفكارك ، أن تكون مستعداً لتغييرها !


كنان :
حسناً ، أعدك ، بالرغم من أنني أجد أن مهمتك مستحيلة ، فصراعي مع كراهية والدي
أشبه بالصراع بين (حورس و سيت ) بالمنثويات الأسطورية ، لا نهاية له !


شيماء :
أنت لن تعجزني !..والآن سوف أمضي إذاً إلى تحضير حفلتي ودعوة شادي


كنان : قبل
ذلك أريد أن أعرف راسم كل هذه اللوحات


شيماء :
كيف عرفت أن كل هذه اللوحات لها الرسام ذاته؟


كنان : و
هل البحار متشابهة ؟


شيماء :
إنه ليس رساما ً إنه ساحر، ذلك الحمصي الرائع


كنان :
إذاً ، انتزع من مدينته أبرز صفاتها .... السحر!


شيماء :
لقد رأيته بالشارع ... أقصد رأيت لوحاته بمكان لا قيمة له ولكنني أدركت قيمتها من
النظرة الأولى ، أنا لا أخطئ الموهبة أبداً ولكنها لطالما أصابتني!.. عرفت موهبته
وأحضرته إلى هنا ومنذ ذلك اليوم وهو يرسم لي


كنان :
ياللأنانية!.. أَأستئثرتي بلوحاته لنفسك
؟! الفن يجب أن يرش مع نسمات الصباح الأولى ليجد لنفسه مكاناً بين حبات
الندى كي يشتمها بعمق كل الناس وهكذا يصبح للفن طعم ، عندما يصل للناس ...
ويستشعرونه


شيماء : لم
لا تصعد للطابق الأخير وتقابله وتتذوق لوحاته ، و ستكون أنت البداية !


كنان :
حسناً إذاً .


( يخرج
كنان ثم تدخل من النافذة عبر الهواء رسالة ملفوفة بشريط حمراء )


شيماء : ما
هذه ؟


(تلتقطها
وتلف الشريط حول معصمها ثم تقرأها ) شيماء
( وهي تقرأ الرسالة ) : " أرى عيناك ما بين خيوط أنوار القمر الشاحبة ، أسمع
صوتك خلف ترانيم الطيور العاشقة ، أشتمم رائحتك عبر نسمات الصباح العذبة ، أراك
... أرى وجهك بأعماق حبات الندى التي تتراقص على وريقات الزهور ، أعتقدتك شبح
تطاردني ولكنني أدركت بأنني أنا من كنت أبحث عنك ، أنا من كنت أطاردك وأشق طريقي
ما بين كثبان الرمال يا سراباً لن أصل إليه أبداً ، ستظل يا حبيبي كمتاحف الشمع كل
ما فيك جميل ولكنه ليس حقيقياً .... لأن كل ما هو حقيقي بالنسبة إلي هو كل ما هو
ملموس ...











أعتقدت أن
بإمكاني نسيانك و الأكذوبة الأكبر هي أنني استطعت ذلك ، خلتُ أن بإمكاني نسيانك
كما أتناسى جرحاًَ حتى يمحوه مرور الأيام ، ولكنك جرح أكبر من استطاعة الأيام أن
تمحوك .... انهار احتمالي عندما سمعت صوتك ، واللحظة التي أخفضت بها رأسك أدركت
بأنك ستغرز خنجرك بصدري بهمسة ... أكملي حياتك بدوني ، وأكاد أجيبك متى ستفهم أن
لا مسكن لألمي سوى صوتك متى ستعرف أن لا حياة لقلبي دون وجودك فيه ، وبعد غرز
خنجرك بصدري تودعني ببرود لتبقي على جثتي متجمدة ، وأشعر بالنقص بعمق فبعد أن كنت اثنان أصبحت
الآن واحد فقط ، غادرتني و غادرتني معك روحي
أنا لا شيء الآن سوى جثة باردة لا يمكنها أن تعود للحياة ولا يمكنها أن
ترقد بسلام أبداً أرأيت يا حبيبي كيف خلدني حبك بجحيمك ؟! "











( تتنهد
شيماء وهي تطوي الرسالة )


شيماء :
ربّاه ، أية خلدٍ مشتعل خرجت منه هذه الكلمات؟!.. لا أعرف من هي ولكنني أعرف جيداً
أنها أحد ضحاياك أيها الحب ، ولكن إلى من هذه الرسالة ؟ إلى كنان .. لا ، إنه رجل
عاش على الكراهية ولم يذق طعم الحب أبداً،أيعقل أن تكون لشادي ؟! (بغضب ) أقسم لو كانت
لشادي ...


(يقاطعها
دخول أيهم)


أيهم : أين
السيد كنان ؟


شيماء :
لقد ذهب لمقابلة رسام ، وعلى كل حال فأنت أول المدعوين لحفلة تنكرية الليلة ، أعرف
أن لديك عملاً لتقوم به ولكن لا بأس إن بقيت قليلاً أليس كذلك ؟


أيهم :
أسيكون هناك طعام ؟


شيماء :
بكل تأكيد


أيهم :
حسناً،سأكون بحفلتك الليلة !


شيماء
:إذاً ، لماذا عدت ؟


أيهم : كنت
أريد ورقة مهمة ... أهذه هي ؟


( يسحب
الرسالة من يدها )


شيماء :
كلا ، إنها رسالة .. لا أعرف مِنْ مَن ؟


أيهم ( وهو
يقرأها ويذرف الدموع ) : إنها حزينة ومحزنة


شيماء :
أعرف لقد تركت هذه الرسالة أثراً عميقاً بداخلي














المشهد
الثالث (بآخر طابق بأعلى القصر )


(بالقصر
دخل كنان وألقى السلام على الرسام ريبال )


كنان : لقد
سمحت لي الآنسة شيماء بالصعود وإلقاء نظرة على لوحاتك


ريبال :
أحقاً قد أفرجت شيماء عن لوحاتي ؟!


كنان :
إذاً ، ماذا ترسم ؟


ريبال : لا
شئ ، شيماء تريدني أن أرسم وأنا مسجون في
برجها العاجي ، كيف سأرسم إن لم أخرج وأرى و أحيا وأفرح وأحزن ،وأتألم ... كيف سأرسم
إن لم أتألم؟


كنان ( وهو
يحدق بإحدى لوحات ريبال ) : آه.. وكأن أنوار هذه اللوحة ستشفي ما بأعماقنا من يأس


ريبال :
هذه ليست الفكرة التي كانت تراودني عندما رسمتها .. ما كنت أرسمه هو رمز من رموز
اليأس !


كنان :
وكيف ذلك ؟


ريبال :
هذه اللوحة هي فكرتي عن الموت ، أنوار ساحرة تسطع من غابر الأفق وتغشي أعين المرء، مهما حاولت فك رموز لوحة
فستبقى أسرارها بقلب رسامها وهذا ما يضفي للوحات سحرها ،الأسرار التي تحملها
كصندوق فتحه موارب ..
كنان : وماذا عن هذه اللوحة ؟ ... أجد نفسي متيماً بهذه المرأة الفاتنة وأنا
بالوقت ذاته أجد نفسي عاجزاً عن تحديد لوني عينيها


ريبال :
سبب عجزك هو ذاته سبب إعجابك بها ، فكما يقول لابروير : "معنى الفتنة في
الجمال أنك تحب المرأة من عينيها ولكنك مع ذلك لا تعرف لونهما ".. عملت
طويلاً على هذه اللوحة لأواري لون عينيها ألوان لوحتي ، لأصنع من ابتسامتها كمقولة
طاغور"في ابتسامة المرأة عظمة الحياة و جمالها " و لأجعلها فاتنة كما هي
بالواقع


كنان : وهذا
الوشاح الأزرق الذي تلفه حول رقبتها ، لونه البارز و تموجاته الداكنة يضفي على
اللوحة سحراً جميلاً


ريبال :
أصريّت على جعلها ترتديه فلم تكن لها الرغبة بذلك ، كنت أعرف أنه سيكون كلمسة
سحرية على اللوحة


كنان :
يذكرني الأمر بلوحة ( الفتاة بالقرط اللؤلؤي) فقد خاض رسامها(يوهانس فارمار) الكثير من المشاكل كي يُلبس خادمته قرط زوجته اللؤلؤي
لرسمها حيث لم يتقبل غرور الزوجة وغيرتها ذلك ولكنه نجح بغفلة من عيني زوجته ، نجح
برسمها بالقرط اللؤلؤي ..الجوهرة التي صنعت من لوحته جوهرة حقيقية وتحفة فنية
رائعة ، ولكن.... مهلاً ، هذه المرأة بغاية الكمال وليس هنالك امرأة هكذا مهما بلغ
جمالها ،ربما لأنك لم تصورها بعينيك ، لأنك صورتها بقلبٍ فائض بالحب ورسمتها كما
تراها روحك .. إنها حبيبة ولا يمكنك رسم حبيبة كما هي بالواقع .


ريبال :
إنها من الماضي الآن


كنان :
حقاً ؟..كانت حبيبة ؟








ريبال :
أخبرتك أنها من الماضي ، فاحذر أن تسأل عن ماضٍ لا تعرفه ... فقد تكون تفتح جرحاً


كنان :
ألست رساماً ؟ ... ألست تفتح جرحاً بفرشاتك كلما رسمت لوحة ؟!


ريبال :
ربما ... كان هذا سبب توقفي عن الرسم منذ فترة ..


كنان :
اعتذر إن كنت أزعجتك


ريبال : لا
بأس..


كنان ( وهو
يلتفت إلى لوحة أخرى ) : أحببت التضاد النور من الظلمة في هذه اللوحة تذكرني بلوحات عصر النهضة الأوروبية


ريبال :
نعم ، انظر إلى هذه الفتاة هنا ، لقد رأيتها بغزة ، جالسة بين الركام ... فقدت كل
عائلتها و منزلها وحياتها بومضة قذيفة ولكن انظر ابتسامتها .. ترتفع بين الرماد
والضباب ، لازالت مرسومة على شفتيها الورديتين رغم كل هذا الكمِّ من المعاناة ..
هنا رأيت التضاد بين الظلمة والنور ...
بالواقع لا بريشتي ، لقد رأيت المقاومة بها بالرغم من أنها لم تكن مقاتلة
ولم تحمل سلاحاً قط ولكن قاومت الظلم بابتسامة ، قاومت عتمة القسوة بنور من أمل ..وقاومت
الموت بقلب منفتح للحياة كما انفتحت شفتاها لابتسامة


كنان :
وماذا عن هذا الرجل الذي تحيط به النار المستعرة من كل جانب .. إنه يبكي بدموع
مشتعلة أكثر!


ريبال :
عندما بدأت برسم اللوحة أردت رسم أحدهم ولكن وجدتني أرسم نفسي ، أبكي بين نيران
تحيط بي ولا سبيل سوى أن أذرف بعض الدموع الواهنة لإطفائها


كنان :
أليس هذا هو الحب ؟ يجعلنا نتخبط .. عاجزين عن الفهم وعن إدراك ما ينبغي علينا أن
ندركه ، أو نجلس على أرجوحة تذهب بنا يمنى ويسرى



ريبال :
أكاد أن أسألك كيف عرفت أنني أبكي من أجل امرأة ؟!.. ربما لأنك ذقت الألم ذاته،
أليس كذلك ؟


كنان : كان
لي تجربتي الخاصة بالألم ولكن لا .. لم تكن امرأة من عذبتني


ريبال :
والآن أصبحت أحسدك !.. ولكنني نسيت الآن ، نسيتها أو... تناسيتها .


كنان :
أريدك أن تخبرني كيف تنسى ، كيف تقتل كل ما عاش بأعماقك من ذكريات سوداء قبل أن
تقتلك !


ريبال :
أنا.. فقط أمسك ريشتي وأرسم سماء ونجوم تتراقص وقمر يغني وكونٌ لا يتوقف عن
الاتساع لتبحر به أفكاري وقلبي بعيداً حيث لا أعود لأراها مجدداً بمكان ما بأعماقي
.. حتى لا أعود لأفكر بها .


كنان :
أتمنى لو كنت رساماً وأتمنى لو كان الإبحار بالكون ينسيني ولكن الذكريات ستتبعني
حتى لو وصلت إلى السماء السابعة وتعيدني إلى دائرة التفكير مجدداً


تلك
الدائرة المفرغة التي لا خروج منها .. إذاً ، من كنت تنوي أن ترسمه


ريبال :
شخص عرفته منذ زمن بعيد ، وهذه الدموع ليست سوى سموم تجري من عينيه ، كان شاباً
يتيماً استلم سلطة كبيرة وسلطته صنعت منه
طاغية


كنان : و
لكن الله صنع من رجل يتيم أعظم رسول للعالم


ريبال : هذا
الشاب لم يرضع بطفولته سوى سواد يتمه الشعور الذي ساد بأعماقه منذ ولادته بأن
العالم بأسره أشترك بتيتيمه وأنه صنع منه منبوذاً ومطروداً من رحمته ، فلا داعي
لأن يرحم بما أنه لم يرحم ، و جاء عبر هذه السلطة ليقتنص من جزء صغير من هذا
العالم الذي حكم عليه بالبؤس المؤيد والشعور الدائم بالنقص كطير ولد دون أجنحة ...
أعتقد أن المال والسلطة هي الطريقة لملئ أعماقه و إبعاد النقص عنها ، كانت الذنوب
بالنسبة إليه سهلة الابتلاع طالما يركض وراء طموحاته الطائرة دون أن ينظر إلى
الطريق أو على أين تطأ قدمه ومن تدهس


كنان : إنه
مختل ... وبيده سلطة ! ، من يعطي مجنوناً سكيناً ؟!.. إنه يذكرني بزعيم عربي يحكم
بلداً جميلاً ، قام بمجازر مروعة ، أعرف منها مجزرة سجن (بوسليم) .. أنا لم أغضب
من ذلك الزعيم المجنون ، بل غضبت مِنْ مَنْ قتل الأبرياء من أجله .. هؤلاء أكثر
جنوناً منه !.. كان ينبغي عليهم أن يرموه بسرير بمشفى المجانين بدلاً من أن يضعوه
على كرسي الحكم


ريبال : ما
أسهل دهس الناس بسيارة يقودها مجنون !


ولكن
الأمور لم تسير بشكل جيد لهذا الشاب.. لقد تعذب وهو من جاء ليعذب ، فهنيئاً للألم
إذاً فقد شعر به شخص لم أخال بحياتي أنه يشعر حتى !


( تدخل
الخادمة )


الخادمة :
سيد كنان ، الآنسة شيماء تطلب منك النزول إلى قاعة الحفلات والدخول مع السيد شادي


كنان :
حسناً ، ستأتي معي يا سيدي ؟


ريبال : لا
، إن عدت للحديث معي فأنا أجلس على الشرفة وأتحدث مع من لا يملك رداً لأسئلتي ..
مع الرياح


كنان : لا
أحد يملك أجوبة لأسئلتك حتى لو كان يملك فماً!


( قاعة
الحفلات ، كنان يقف على المدخل مع أيهم)


كنان : لم
لا تدخل للقاعة ، أنا أنتظر ال"سيد" شادي أدخل أنت فالقاعة ملئا بالنساء



أيهم :
ولكنهن يرتدين أقنعة


كنان :
أريد أن أرى رجلاً يحب امرأة دون أن يعرف شكلها تصور كم سيكون الأمر طريفاً !


أيهم : لا
رغبة لي بالدخول سأراقب المجريات من هنا


( عندها
يصل شادي ويدخل القاعة بين النساء )


شادي : يا
عطراً رقيقاً أوصلني لجسداً تنبعث منه ، أوصلني إلى القمر بين هذه النجوم وإلى الأقحوانة
البيضاء بين شقائق النعمان وإلى الدمعة الرقيقة بين حبات المطر


(حتى وصل
لشيماء التي أزاحت القناع )


شيماء :
لقد عرفتني من بين كل هذه النساء


شادي : كيف
يخطئ الجسد روحاً تسكنه؟!


شيماء :
أنت حقاً تحبني !


شادي :
أليس هذا ظاهراً بكل نبضة من نبضات قلبي ، أليس هذا ظاهراً عبر أنفاسي المضطربة
عندما تلمس يدك يداي


شيماء :
إذاً سنذهب سوياً لأجمل تله لتكللني بأجمل عقد من الأزهار


شادي : أية أزهار قد تكللك ؟! أنت من تكللين الأزهار يا أرق قطرة ندى بالوجود











شيماء : ولكن أولاً لدي شكر لأقدمه


( يتجهان للمدخل )


شيماء : أشكرك يا كنان ، على كل ما فعلته من أجلي


كنان : لا أريد شكراً ، أريد فعلاً


( عندها تندفع إحدى الفتيات من الحفلة وترفع عنها القناع )


الفتاة : من أين لك هذا الشريط الأحمر الذي تلفيه حول معصمك ؟


أيهم : أوغاريت ؟


(تنتبه الفتاة إلى أيهم فترتبك )


أوغاريت : أيهم ؟ .. يا لها من مفاجأة !


أيهم : توقفي عن التمثيل خارج مسرحك، أنت من أرسلت الرسالة ، أنت من
تتوقين إلي وتدثرين أشواقك تحت غطاء كبريائك الأحمق


أوغاريت : لقد عرفت أنني من كتبتها ، كيف؟!


أيهم : ما كان قلبي ليخطئ كلماتك، لقد عرفت ذلك من اللحظة


كنان : ما لذي يجري هنا ؟!


أوغاريت : كنت غبية جداً ، هذا ما جرى!.. اعتقدت أنني أفضل منك فقط لأنني
ابنة رجل ثري ، فقط لأنني ممثلة شهيرة ، تكبرت كثيراً وعندما هجرتني شعرت بفقدانك
المرير ، عدت لأكسر غروري و أتوسل من قلبك العودة ، لأرسل رسالة أخرجت كل ما في
قلبي من مشاعر كان قد دفنها غروري منذ زمن بعيد .. أرجوك يا أيهم ، ما عدت أحتمل
غيابك أكثر ، عد إلي فأنت لا تعرف كم ترك غيابك بقلبي من ندوب أنت لا تعرف كم
استيقظت وأنا أرتعش أنادي باسمك كمذعورة فقدت فؤادها ، عندما أنظر إلى الوراء
أجدني كنت أعلم سبب عذابي وأنكره ، سببه مرضي الشديد بك ..كان القمر كل ليلة يراقب
شحوبي الذي فاق شحوبه ويسألني (هل هذه الحيرة بعينيك ؟...هل هذه أسئلة لا أجوبة
لها تخرج من بين شفتيك ؟.. أعلم أن روحك تبحر في فضاء داكن لا نهاية له ، أأنت
تائهة ؟... تتضورين جوعاً للحقيقة ولكنك عندما ستستمعين إلى صرخات قلبك سوف تجدين
الحقيقة كجوهرة لا تخدش .. أنك لطالما أحببته)


أيهم :لا يمكنني سوى العودة ، مصيبتي أنني أحببتك وقلبي لن يفلتك أبداً ؟!..


أوغاريت : إذاً ، نحن شركاء بالمصيبة !..أعتقدتك قد نسيتني


أيهم : كيف أنساك وأنا أرى وجهك بين النجوم و عبر أنوار القمر و على شرفات
الغيوم ، كيف أنساك وأنا أراك بين خفقات قلبي وبين رمشات عيني وأفكاري التي بعثرها
فراقك أراك بأعماقي ، كيف أنساك وكل شيء
فيّ يشتاقك وكل شيء فيك يناديني .


أوغاريت : أيهم أعرف أنني لم أبح بهذه الكلمة لك من قبل ولكنني لم أعد
أريد أن أحتفظ بها أكثر


أحبك !.. I love you , je taime toi


أيهم : وأنا أيضاً ، me too , et moi aussi


كنان : إلى أين أنتما تذهبان ؟


أيهم : سأذهب إلى أعلى جبل وأقطف أجمل نجمة من أجل عيني حبيبة عادت إلي
أخيراً


(يخرج أيهم و أوغاريت )


شادي : وأما أنا فسأمضي إلى أحد التلال وأصنع عقد من أزهار تموز التي لن
تضاهيك جمالاً مهما كانت محاولاتها اللاهثة


شيماء : ولكننا بشهر أيار


شادي : أعرف جيداً أننا بشهر أيلول !


(يخرج شادي )


كنان : أرى أن الجميع قد حل مشكلاته ما عداي أنا !


شيماء : و هذا هو عملي ، وما رأيك الآن أن ترافقني إلى القاعة الفخمة الآن
؟


كنان : ماذا عن حفلتك ؟


شيماء: ما أردته من هذه الحفلة قد حصلت عليه وحان الآن دورك


( القاعة العظيمة : يدخل كنان وشيماء )


شيماء : هذه القاعة التي جلست بها بالبداية مع والدي ومساعديه ، لم لا
تتفضل وتجلس بالمكان ذاته الذي جلست به من قبل


كنان : حسناً.. وها أنا ذا قد جلست .


شيماء : أنا وعدتك أن أخرجك من سجن الكراهية ولكنني أخشى أنني أزجك بسجن
آخر وزنزانة أكثر ظلاماً و أكثر ألماً


كنان : هل سأتخلص من كرهي لأبي ؟


شيماء : نعم، ولكنك ستكره نفسك !


كنان : رجل بأنانيتي لا يمكنه أن يكره نفسه !


شيماء : إذاً،أنت تعرف نفسك جيداً !..ولكنك لست كذلك يا كنان ، أعماقك
ككوكب بعيد لم تطأه قدمك .. ولم تكتشفه بعد ، لهذا أنت تائه ، لهذا أنت تسير بلا
هدف بصحراء لا نهاية لها ولا تتوقف رمالها عن الالتفاف حولك وإخفاء الحقيقة عن
أنظارك


كنان : إذاً ، من أنا ؟..


شيماء : شخص يتعطش للحقيقة ، ويتوق لإزاحة هذا الكمِّ الفظيع من الألم عبر
الغفران


كنان : غفران والدي


شيماء : لا ، أن تغفر لنفسك


كنان : لنفسي ؟.. أنا لم أفعل شيئاً!


شيماء : هذا هو الشعور الذي يتملكك "الذنب" ولكنك تستمر بإنكاره
.. انظر إلى هذه اللوحة قبالتك ، إنها لوحة لرسام مبتدئ وغير مشهور ولكن ما السبب
الذي جعل والدي يعلق لوحة كهذه بصدر قاعته الفخمة ؟.. وهو كباقي الأغنياء يحب
الاستعراض وتزيين قاعاته وقصره بكل ما هو فريد ونادر وراقي كامرأة تحب ارتداء كل
ما بحوزتها من جواهر في حفلة مهمة ، ولكن والدي لم يعلق لوحة لرسام مشهور بل علّق
هذه اللوحة لرسام لا نعرف له اسماً ولكنه فعل ذلك لأنه أحبَّ أن يحك ذاكرة أحدهم وأن
يستثيرها من خلال لوحة ... ويراقب أثرها على ملامح وجه لا يمكنه إلا أن يعكس تغير
الأعماق واستنفار المشاعر فيها ،بل وسألك عن صاحبها وكان تحليلك دقيقاً ولكنك لم
تصل إليه كاسم ،رغم أن أفكارك لا تزال
مسجونة بذكراه ، إذاً .. هل عرفت يا كنان من رسم هذه اللوحة ؟


كنان : لو كنت قد فقدت الذاكرة بعد أسبوع من فقداني لابني لكنت قد قلت
أنني أنا من رسمتها خلال هذا الأسبوع !.. فقد شعرت أن من يدفن كبده بهذه اللوحة هو
أنا ..


شيماء : إن من رسم هذه اللوحة هو من فقدك أنت يا كنان ، هو والدك


(يضحك كنان ثم يقول ):والدي؟!.. ذلك الرجل العسكري الذي أصاب وجهه الجاف
قحط الملامح منذ سنوات طويلة هو من رسم هذه اللوحة !


شيماء : ألم تخبرني أنه كان شخص متناقض ؟! ثم إن كان الحب يصنع من حامله
شاعراً فالألم يصنع من حامله رساماً.. أنت لم تميز نور الدين عندما رأيته ، لم
تتذكر أنه كان جارك بالبيت الذي كنت تسكن به مع والدك بسبب سنوات الهجرة الطويلة .


كنان : نعم.. نور الدين ، كنت أشعر أنه مألوفاً لي منذ اللحظة التي رأيته
بها


شيماء : لقد أخبرني ما لذي حصل بعد مغادرتك البيت ، لقد كان الندم يتآكله
فهو لم يتوقع أن تغادره وتمتنع عن العودة ، كان واضحاً من خلال وجهه المكسور
المتعب أنه متألم لفراقك لقد اعتزل الناس ، لأنه ما من أحد بالعالم يمكنه أن يسد
تلك الفجوة الكبيرة التي خلفه رحيلك، كان يجلس طوال اليوم على الكرسي الخشبي أمام
البيت لساعات وساعات لانتظار عودة ابنٍ هو يعلم جيداً أنه لن يعود ولن يمنحه فرصة ثانية
أبداً ، كان يجلس وهو يدعو الرياح أن تعيد له ابنه معها ولكن الرياح الوحيدة التي
هبت هي رياح الذاكرة التي لم تحمل سوى ألم من الصعب نسيانه ، حتى الشمس لم تترك
أثراً بوجه والدك الذي يجلس تحتها طوال اليوم .. لم يعد شيءٌ يترك أثرٌ به بعد بغيابك
أبداً.. لم يجد ما يواسيه ، صنع من القبو مرسماً ليلقي مشاعره المشتعلة على
الأوراق لأنه ما عاد يستطيع حملها فقد كفاه ما سببت له من حروق عميقة ..


لقد رسم ما أشعره إياه رحيلك حتى أوصله إلى فراش الموت ، وحتى وقف جاره
نور الدين فوق رأسه بآخر لحظات حياته سأله وهو لا يزال يتمسك بآخر قشة أمل "
أسيعود كنان؟" عندما أجابه بلا بكى بكاءً مريراً وغسلت دموعه وجهه الجاف
والمصاب بالقحط !


كنان : هذا ليس صحيح ، أنت كاذبة !.. لطالما كرهني والدي ، لقد ضربني
وأراد أن يقتلني


شيماء : أعجبتك الحقيقة أم لم تعجبك ، عليك تقبلها فهي لن تتغير أبداً ،
لقد كانت آخر كلمات والدك هي " سامحني يا بني " ، أنت من تحتاج للغفران
الآن ، أنت لم تعطه أية فرصة حتى بعد سنيين من الحادثة و هذا في الواقع ما يؤرقك


كنان : لا ، هذا غير صحيح ، أنت تكذبين !لقد طردني من قلبه و رددت عليه
بالمثل


( انهار باكياً)


شيماء : لقد بكى والدك كثيراً والآن حان دورك لتبكي !

descriptionحصريرد: رياح من الذاكرة

more_horiz
الرائعة براءة حسين
بالرغم من أني قليلة الدخول لهذا القسم نظرا لضيق وقتي أحيانا أو انشغالي أحيانا
فقراءة القصص تحتاج لحالة من الصفاء الذهني
إلا أنني وجدت نفسي ألتهم سطورك التهاما
تتلاطمني رياح الذاكرة وتقذفني في أغوار نفوس أناس
حفر القدر لوحاته في دواخلهم قبل أن يحفر أثرها على جلودهم
فهل يمحى الوشم بطول الزمن ؟؟؟
لاأستطيع التعبير بكل ما امتلك من حرف عن مدى سعادتي بهذه القصة
وأجذم أنك فنانة ولك باع طويل في الرسم
وانك تمتلكين موهبة رسم اللوحات كما تمتلكين قراءتها وتفسير خطوطها المبهمة بكل هذه الخبرة
وهذا الحس الناعم العميق القارئ غور المشاعر وكأني بطبيبة نفسية ترصد الدلالات وتقتنص الارتجافات
قصة واقعية رومانتيكية رائعة
أخذتني تصاويرك المدهشة للبعيد فرأيتك تعجنين ضوء القمر وتوزعين أرغفة الشبع
على كل من يمر بفضائك الرحب مبدعتي
أبدعت بل أكثر
وكانت وستكون القراءة لك ماتعة دوما
اسمحيلي أن اعود إلى هنا كثيرا وتقبليني بين حروفك يابراءة
أهلا بك في برق الضاد يابرقنا اللامع
براءة حسين
أكاليل ياسمين تطوق جيد لحظاتك

descriptionحصريرد: رياح من الذاكرة

more_horiz
البرق اللامع
براءة حسين

مسرحية ذات فصول تنوعت فيها المذاهب الادبية خاصة في فصلها الثاني حيث لامست جدا التعبيرية واما من حيث النص فان النص كان في حالة من الترابط الوثيق بين اجزاءه مع تصاعد للحدث في كل سطر دالة على تمكن الكاتب من ادواته بشكل محترف ومما اضاف له بعدا اخر وجود للتناص الذي يربط الحالة بين بيئتين

نص فاخر من كاتبة مميزة جدا
مبدعة بل واكثر
تقديري

descriptionحصريرد: رياح من الذاكرة

more_horiz
شكرا لك على كلماتك التي تنفخ بروحي أجمل المعنويات وأتمنى أن أكون أستحق ولو بعضا مما كتبته

descriptionحصريرد: رياح من الذاكرة

more_horiz
منية الحسين كتب:

الرائعة براءة حسين
بالرغم من أني قليلة الدخول لهذا القسم نظرا لضيق وقتي أحيانا أو انشغالي أحيانا
فقراءة القصص تحتاج لحالة من الصفاء الذهني
إلا أنني وجدت نفسي ألتهم سطورك التهاما
تتلاطمني رياح الذاكرة وتقذفني في أغوار نفوس أناس
حفر القدر لوحاته في دواخلهم قبل أن يحفر أثرها على جلودهم
فهل يمحى الوشم بطول الزمن ؟؟؟
لاأستطيع التعبير بكل ما امتلك من حرف عن مدى سعادتي بهذه القصة
وأجذم أنك فنانة ولك باع طويل في الرسم
وانك تمتلكين موهبة رسم اللوحات كما تمتلكين قراءتها وتفسير خطوطها المبهمة بكل هذه الخبرة
وهذا الحس الناعم العميق القارئ غور المشاعر وكأني بطبيبة نفسية ترصد الدلالات وتقتنص الارتجافات
قصة واقعية رومانتيكية رائعة
أخذتني تصاويرك المدهشة للبعيد فرأيتك تعجنين ضوء القمر وتوزعين أرغفة الشبع
على كل من يمر بفضائك الرحب مبدعتي
أبدعت بل أكثر
وكانت وستكون القراءة لك ماتعة دوما
اسمحيلي أن اعود إلى هنا كثيرا وتقبليني بين حروفك يابراءة
أهلا بك في برق الضاد يابرقنا اللامع
براءة حسين
أكاليل ياسمين تطوق جيد لحظاتك

descriptionحصريرد: رياح من الذاكرة

more_horiz
شكرا لك كلماتك نفخت بروحي أجمل المعنويات واتمنى أن أكون أستحق بعضا منه

descriptionحصريرد: رياح من الذاكرة

more_horiz
محمد سوادي العتابي كتب:
البرق اللامع
براءة حسين

مسرحية ذات فصول تنوعت فيها المذاهب الادبية خاصة في فصلها الثاني حيث لامست جدا التعبيرية واما من حيث النص فان النص كان في حالة من الترابط الوثيق بين اجزاءه مع تصاعد للحدث في كل سطر دالة على تمكن الكاتب من ادواته بشكل محترف ومما اضاف له بعدا اخر وجود للتناص الذي يربط الحالة بين بيئتين

نص فاخر من كاتبة مميزة جدا
مبدعة بل واكثر
تقديري

descriptionحصريرد: رياح من الذاكرة

more_horiz
أشكرك
تعليق جميل من كاتب مميز



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى