لوعة الفراق
نظر إليها ...فتش في كآابتها عن سبب يريحُ قلقهُ ...
البهجة التي تثيرُ خاطره تناقصت من فرحها .
والتوق الذي كان يفور من عينيها
...أصبح ساكناً معلقاً أمله على بصيص سؤال .
عندما استنفذ نظره كل الاحتمالات ...
سألها : من كان الصباح وأين هو الآن
؟!!
ابتلعت الغصة وردّت عليه مخفيةً
خنقها...
مازالت الورود مغروسة ، انظر هناك ألا ترى الندى
يُميلُ علياءها كأنها تنتظر يديك لتجمعَ ألق ماأبدعتْ تلك الورود .
تابعت حديثها ..أوأنك تقصد سوالفي
الصباحية الحالمة بضم كل وقتك ، ثم أطرقت بنظرها...
مدَّ يده ورفع رأسها قائلاً...
-لمَ يا"نجوى" كل هذا
الحزن..؟
لماذا مصرة للهروب نحو الأمام و
الجواب عندك مقنَّع بحروفٍ يصعب تمريرها على خاطري
مرةً أخرى أسألك: أين صباحاتك
الشيّقة ..؟!!
تمنّعت كثيراً عن كشف مايخفيه ظنها
وبددت السؤال
بابتسامة هاربة من طابور الأذى
الممتد من يوم مولدها وحتى عقدة الفراق التي تراودها دائماً .
في لحظة ...شعرتْ بأنها تهرب من
السؤال قاصدةً ذلك
مجدداً حاولت إخفاء ارتباكها وألمها.
ولكن كيف والقمر مولع ٌ أمامها بعهده
القديم .
كيف والسؤال يتخبط على مسامعها
تاركاً متعة وجدٍ ضيّقة ليُعيدَ حضورها بين اشتياقه .
كيف وبعد أن فقدت السيطرة على ذاتها
وكشفت خفاياها الدموع التي عرَّت إحساسها
كل ماراودها شعر به ...وأردف قائلاً
- مم تخافين...؟!! هل تخشين يوماً
يأتي ولاأعلن لك صباحه ؟
أم أنك تعوديني الهروب والاختفاء
لحظات تجلي عشقي لك .
سؤالي لايحتمل هروباً آخر
أريد تبريراً ، حزنك بدأ يؤرقني
-"نجوى" انظري في عينيّ
عندما أكلمك وإلّا...
قاطعته واضعة يدها على فمه ... أرجوك
لاتكمل
فقط أعوّد نفسي لوعة الفراق ...
نظر إليها بحرقةٍ... كان يودُّ ضمها
لصدره ... ويودُّ لو يهمس بأشياءٍ لم يقلها من قبل ويتمنى أن لايفارقها إن كان
الأمر بيده ....لكن
-سأقول يا"شاهر"
في الأمس سمعتك وأنت تهاتف صديقٍ لك
...فضاق صدري وكبَتُ أنفاسي حتى كادت تَخنقني عبارة ((لن أتأخر عنها مهما كان الثمن))
وتألمت أكثر عندما حددت موعد السفر.
بهذه السهولة تتنازل عني يا
"شاهر"
أتستطيع نسيان الأوقات الحلوة التي
حضنت تغريدنا والمستقبل الذي رسمنا دروب عبوره سوية ...لاقيمة لكل هذا عندك.
-عزيزتي "نجوى" هل تلاحظي
بأنك كبّرت الأمر كثيراً ..هل هذا مايجعلك حزينة منذ فترة ؟
-أجل ومتألمة كثيراً.
-أن نحيا بأمان ونشعر بقيمة الوفاء
لامعنى له عندك...غريب أن تكوني بعيدة عن مبادئي بهذا الشكل .
"نجوى"أنت تعويضي الوحيد
لذا كوني زوادةَ بُعدي لا أريد لمدادك أن ينتهي ...دعي كل شيءٍ منك يكفيني أرجوك
حبيبتي وشيئاً آخر أريده منك الدعاء لأعود سالماً.
-يعني أنك مازلت مصرّ
-طبعاً...لن أتأخر ولادقيقة واحدة
-ومتى..؟!!
-يومين أوثلاث بالأكثر
-حسناً ،لا أستطيع قول شيء إلّا أن
يردك الله لنا بالسلامة
-تسلمي لي حبيبتي...سأذهب الآن لرؤية
عائلتي ويوم السفر أتي لأودعك.
امتلأت عينيّ "نجوى" وقلبها
بالهم والحزن على مفارقة حبيبها وأخذت تواسي انتظارها بالأمل .
بعد مضي يومين تجهزّ
"شاهر" للسفر وأحبَّ أن يُكحل جفنيه برؤية حبيبته .
عندما اقترب ليطرق الباب دُهشَ لأنه
وجدَ "نجوى" بانتظارهِ وفي يدها حقيبة صغيرة وبالفور سألها :
-إلى أين
-إلى نفس المكان الذي تذهب
إليه...وأنا أيضاً أصلحُ لخدمة الوطن ولاأُقلُّ أهمية منك.
تفاجأ "شاهر" من ردّ فعل
"نجوى" ثم أبحر في غيهب صمتٍ مع متعةٍ أخذت عينيه تكشفان مدى وجده في
تلك اللحظات أبرق بعدها منتشياً بحقيقة مؤكدة وقال:
قوية يا "نجوى" ...في نفسي كنتُ أُدرك من أنتِ
وواثقٌ بأني والوطن عشقك الكبير .