الخاطرة جاء في لسان العرب ((الخاطرة: ما يخطر في القلب من تدبير أو أمر.ابن سيده: الخاطر الهاجس والجمع الخواطر, وقد خطر بباله وعليه يخطر ويخطـُر..و يقال: خطر ببالي وعلى بالي كذا وكذا يخطر خطوراَ إذا وقع ذلك في بالك ودهمك..)). والمتأمل لقول ابن منظور يدرك أن في الخاطر بعداَ عن الإعداد المسبق وتنظيم التفكير, وفيه خصوصية وذاتية مرتبطة بما يلتمع في الذهن في وقت معين, ويلتقي تعريف الخاطرة عند النقاد مع هذه المعاني، فالخاطرة قطعة نثرية قصيرة تتولد نتيجة انفعال ذاتي عارض في موقف معين, وتعكس جانبا من ذاتية كاتبها, وخصوصية رأيه, وقوة ملاحظته، ويقظة وجدانه, وشدة ذكائه, وتقترب من القصيدة الغنائية بما فيها من علو للمشاعر، وإيجاز في اللغة، وتكثيف في الفكرة.

ولقد ولدت الخاطرة في أحضان الصحافة, وارتقت بارتقائها، واستقرت في بعض أعمدتها, على الرغم من أن الخاطرة تلتقي مع المقالة على صفحات الصحف ,فأنها تختلف عنها من عدة أوجه نوجزها فيما يلي:
المقالة فكرة ناضجة ومدروسة ومعدة ذهنيا, والخاطرة فكرة عارضة طارئة لا إعداد فيها ولا تنظيم.
المقالة وليدة التفكير والتأمل والتدبر, والخاطرة وليدة الانفعال والتوتر والشعور.
المقالة أداة واع يهدف إلى الإقناع أولاَ, والخاطرة أداة انفعالي يهدف إلى التأثير.
المقالة تلتزم تقليدا معينا(المقدمة والعرض والخاتمة), والخاطرة لا تخضع لأي تقليد.
المقالة تستند إلى الشواهد والتمثيل والتدليل والتعليل لإثبات صدقية المطروح فيها, والخاطرة لا شواهد فيها ولا تمثيل؛لأنها لا تقبل الأخذ والرد.
المقالة تشغل مساحة أكبر من تلك التي تشغلها الخاطرة التي تكتفي بعمود قصير في صحيفة.
المقالة تتطلب وضع عنوان مناسب, والخاطرة لا تتطلب ذلك دائما.
المقالة يعلو فيها الفكر على العاطفة, والخاطرة تعلو العاطفة على الفكر.