اسئلة كثيره وكبيره تدور في ذهني حول مستقبل الاوضاع في
منطقة الشرق الاوسط التي باتت اكثر سخونة من اي وقت مضى.الصراع يحتدم من
اجل فرض هيمنة وبسط نفوذ على منطقة هي الاغني في ثرواتها الطبيعية /النفط
والغاز الطبيعي/اللذان يشكلان العصب المحرك للاقتصاد العالمي.
اطراف
الصراع من اجل الهيمنه على منطقة الشرق الاوسط مختلفة في مختلف المراحل
التاريخيه،لااريد ان استرسل واغور في اعماق التاريخ وسوف ابدا من مرحلة
مابعد الحرب البارده،حيث لم يعد هناك قطبان تتنازعان النفوذ على منطقة
الشرق الاوسط.
خلا الجو للولايات المتحدة الامريكيه في نهاية الثمانينات
وبداية التسعينات من القرن الماضي وراحت تعمل من اجل فرض مشروعها في
المنطقه دون تردد.
المشروع الامريكي باختصار شديد يهدف الى بسط النفوذ
والتحكم باحتياطي البترول والغاز الطبيعي في المنطقه وضمان امن واستقرار
ومستقبل اسرائيل. ومن اجل هذا راحت تعبد الطريق وتزيل كل مايعترضها من
معوقات، وهكذا تم التخلص من جعجعة النظام العراقي الذي ماكان في الحقيقة
يشكل خطرا على اسرائيل ،بل كان مزعجا لدول الخليج الحليفة للولايات
المتحدة،وكان القضاء على ذلك النظام الاهوج بمثابة طمانة وتهدئة لخواطر
دول الخليج .
الخطوة الصعبة في طريق المشروع الامريكي في منطقة الشرق
الاوسط هي كيفية التعامل مع الملف الايراني ويشكل خاص مايتعلق بالمفاعل
النووي وامكانيه ايران بتصنيع القنبلة الذريه.
قضية القضايا بالنسبة
للولايات المتحدة الامريكيه واسرائيل في منطقة الشرق الاوسط هي الملف
النووي الايراني. وهنا نجد اختلافا جوهريا بين رؤية الولايات المتحدة
الامريكية ورؤية اسرائيل حول التعامل مع هذا الملف.فالولايات المتحدة ترغب
في ايجاد حلول سلميه لهذا الملف وتحبذ مواصلة الحوار السلمي اضافة الى فرض
المزيد من العقوبات الاقتصاديه على ايران لعلها تذعن وتتراجع عن طموحاتها
النوويه وتقلع عن تهديداتها المستمرة لاسرائيل. الى جانب هذا فان
الولايات المتحدة تسعى الى منع ايران من التمدد في منطقة الخليج والشرق
الاوسط من خلال تكثيف تواجدها العسكري في المنطقه. مقابل هذا تحاول اقناع
اسرائيل بعدم القيام بمغامرة منفرده لقصف المفاعل النووي الايراني
لاعتبارات عده اقليميه ودوليه .
في اسرائيل هناك رؤيتان،الاولى تجد ان
اي تاخير في القيام بهجوم عسكري على المفاعل النووي الايراني هو ليس في
مصلحة مستقبل ومصير الدولة اليهوديه وان رؤية الولايات المتحدة الامريكيه
بشان هذا الملف سوف لن تحل المشكله بل سيزيد من تعقيداتها وانه بات من
الملح البدء بالعمليه وان ساعة الصفر قد حانت.ومن المناصرين لهذا التوجه
رئيس الوزراء الحالي نتنياهو ووزير الدفاع باراك وغيرهم. من قوى اليمين
الاسرائيلي. من الجانب الاخر هناك توجه يرفض القيام بهذه المغامره ويعتقد
ان القيام بها سيكون كارثة حقيقيه على اسرائيل والمنطقه ويطالب اصحاب هذا
التوجه بضرورة التنسيق المستمر مع واشنطن الحليف الاسترايجي الاكيد
والمضمون لاسرائيل وعلى راس المتبنين لهذا التوجه ا رئيس الدوله شمعون
بيرس الذي يتمتع بمكانة سياسية مرموقه على الصعيد الداخلي الاسرائيلي
والاقليمي والدولي.وان تصريحاته الاخيره حول كيفية التعامل مع الملف
النووي الايراني والتي اثارت امتعاض قوى اليمين المتطرف داخل اسرائيل جاءت
لتعزز التوجه الامريكي في كيفية التعامل مع ايران .
ايران التي تعاني
من الحصار الاقتصادي والعقوبات القاسيه هي الاخرى تواصل المكابره وتؤكد
قدرتها على "الردع" وتقوم باجراء مناورات عسكريه وتجرب صورايخ بعيدة المدى
وتهدد باغلاق مضيق هرمز ، وذلك كرد فعل منها على السياسة الامريكيه
ازاءها.ومحاولة منها للخروج من االحصار الاقتصادي والسياسي المفروض عليها
امريكيا واوربيا فهي تواصل تحديها للولايات المتحدة وتحاول تعزيز مواقعها
في منطقة الشرق الاوسط من خلال تحريك الاذرع الشيعيه المرتبطة بها مصيريا
كما هو الحال في جنوب لبنان وحزب الله والاحزاب الاسلاميه الشيعية في
العراق وفي الاحساء والبحرين والكويت والحوثيين في اليمن وغيرها حيث تتمكن
من تحريك هذه الاذرع وباقتدار في الوقت المناسب لازعاج الولايات المتحدة
في الوقت الذي تراه مناسبا والعمل على عرقلة مشروعها في المنطقه.
باختصار شديد يمكننا القول بان ليس هناك عقبات ممكن ان تعرقل المشروع لامريكي في الشرق الاوسط سوى الملف الايراني.
وكما
اشرت الى ان الجانب الاساسي في المشروع الامريكي هو ضمان مصير ومستقبل
اسرائيل ،وهذا سيتحقق لامحالة ولكن بعد ايجاد الحل المنشود للملف النووي
الايراني.لاشئ اخر يهدد مستقبل ومصير الدولة اليهوديه في المستقبل المنظور
بما في ذلك المد الاسلامي الذي اكتسح البلدان العربيه بعد ثورات مابات
يسمى بالربيع العربي.هذا لان هذه البلدان غير قادرة على بناء جيوش من
الطراز المعاصر والقادرة على تهديد امن اسرائيل وهذا ماجاء في تصريح
للجنرال موشيه يعلون نائب رئيس الوزراء الاسرئيلي لصحيفة هارتس حيث اكد عدم
وجود خطر حرب عربيه ضد اسرائيل خلال المستقبل المنظور وان الخطرالوحيد هو
ايران وان الحل الوحيد هو الهجوم عليها .
في ظل هذه المعطيات الخطيره
حيث تتصارع اسرائيل والولايات المتحده مع ايران على بسط النفوذ
والهيمنه،نجد ان بلدان الشرق الاوسط باتت هدفا للاستحواذ عليها ولقمة
مستساغه لابتلاعها،
كل هذا يحصل ونحن نتفرج على حقيقة مرة اشبه بالخيال.



د.ليث حميد العاني
كاتب مقيم في السويد