نقد نص : (( شحوب القناديل )) / ابو اديان الجبوري - الناقد محمد العتابي

النص




هلاّ
تجئ


عابرا
وقدة الجمر


او
راحلا في ثلوج الشتاء


فمزيدا
من الصمت


ينقر
زجاج العواء


قد
عرفناك


موسما
من ضباب


او
كؤوسا مترعةً


من نبيذ
السراب


لايورق
فيه سوى الشوق


مستلقيا
في قناديل الغياب


هلا تجئ


موسما
من رماد


او
احتراقا مضئ


يستحيل
دمائي خمرا


ويمزّق
حنين الخراب


مستغرقا
في البحث طويلا


في
زوايا العذاب


يسائل
عن الدخان


في
لهفةٍ واحتطاب


مستوحدا
في طقوس فرحٍ


ويمسح
ذاكرة المكان


فاضحا
رحلة الشوق


وهاتكا
قدس اسرار الربيع


هلا تجئ


انثيالا
من النار


او
برعما صغيرا من صقيع


يتوارى
تحت ظلاله


حلما
برئ


فيوقد
الوجد


ويجمع
فينا الرجاء


بليلٍ
سخيٍ جرئ


كن
سريعا في تباشير البلاء


لازلت
احيا بكأسٍ عليل


قد
فارقْت عريَّ النوافذ


وعانقْت
فيك شحوب القناديل

النقد




التضاد
الذاتي من سمات الشاعر الذي لا يرى متنفسا من خلال ما يجده من تداعيات تبدو للوهلة
الاولى حتميات قدرية لا بد ان تمر بطريقه او تاتي هي بطريقه ولا فرق حينذاك ما
دامت النتيجة هي ذاتها ، والذي يجعل التضاد عنصرا رئيسيا هو انه لا يمكن للذات
الشاعره ان تعبر الا من خلاله لكي تصل الى متنفسها حتى للحظة زمكان سواء كان نفسيا
او خارجيا ، وفي نص شحوب القناديل نرى ان متنفس اللحظة جاء من خلال النفس والخارج
من خلال اداة التحضيض التي جاءت متنفسا اوليا وفي مثلث جمع بين تركيبه تلك الاداة
لتاتي في قالب واحد لا فرق فيه الا من حلال اللقطة الفاصلة بين ذلك المثلث :





هلاّ
تجئ


عابرا
وقدة الجمر


او
راحلا في ثلوج الشتاء








هلا تجئ


موسما
من رماد


او
احتراقا مضئ








هلا تجئ


انثيالا
من النار


او
برعما صغيرا من صقيع





فهذا
المثلث واضح حيث يحث المقابل على المجيء وفي كل حثه جاءت مفردتان رئيسيتان الاولى
(( الاحتراق مع مشتقاتها – وما يضادها من الثلج ومسمياته )) وبالرغم من تشابه
اللغة من حيث بعض الدالات الا ان الانتقال هنا لم يكن طرديا كما جرت العادة بل نرى
ان تلك الرحلة عبر النداء جاءت متضادة بين امر سهل يقابله امر صعب وكان الخيار في
جميعها واحد لا فرق فيه الا من خلال طريق تواجهه تلك المتفارقات التي تنتهي بشيء
(( العدم )) ان اعتبرناه شيئيا وهذا المزج المركب يحيلنا في بلورة النص من خلال
منظور الحتمية التي لا تحدد ذلك الاختيار وتجعله امرا مصيريا مقررا ، وقد قام
الشاعر ابو اديان بالتكرار لاجل بيان ما يشك في ابهامه





هلاّ
تجئ


عابرا
وقدة الجمر


او
راحلا في ثلوج الشتاء


فمزيدا
من الصمت


ينقر
زجاج العواء


قد
عرفناك


موسما
من ضباب


او
كؤوسا مترعةً


من نبيذ
السراب


لايورق
فيه سوى الشوق


مستلقيا
في قناديل الغياب








يبدا دعوته
بفعل الحاضر لرمزه (( ايا يكن )) واستخدم الشاعر هنا مفردة المجيء داله ايحائية
على السير الذي يكون القدر هو الغالب عليه ولكن ما يوجد من صعوبات نراه جليا في
تلك الرحلة فكل شيء يوحي بالعدم – كما نوهنا –





فاي صمت هو
بنقر صوته في ليلة تنتشر فيها الذئاب البشرية حيث لا يبقى أي شيء بسمى الانسانية
واي كاس نبيذ يكون مملوءا بسراب الامنيات التي لم تتحقق ، ومن كل هذا ماذا سيكون :
فقط شوق وانتظار في قنديل عساه ان ان يضيء بلقاء او بزوغ امل .





هلا تجئ


موسما
من رماد


او
احتراقا مضئ


يستحيل
دمائي خمرا


ويمزّق
حنين الخراب


مستغرقا
في البحث طويلا


في
زوايا العذاب


يسائل
عن الدخان


في
لهفةٍ واحتطاب


مستوحدا
في طقوس فرحٍ


ويمسح
ذاكرة المكان


فاضحا
رحلة الشوق


وهاتكا
قدس اسرار الربيع








ونداء اخر
وموسما غير الضباب الذي تنعدم فيه الرؤى ليتحول الى شيء مهجور شيء لم تبق تلك
الاهات فيه سوى رماد ذكرى كانت هنا حيث تركها الراحلون عنها ولم يخلفوا الا اثارهم
، فكيف سيتحول ذلك الرماد الى احتراق مضيء ، وهنا نشهد ذلك الامتزاج بين المقطع
الاول والثاني ليحول السراب الى دم قان من الالم لكي يلتذ فيها اؤلئك الشاربون ،
وما اروعها من لوحات تظهر ذلك التجلي بلا عناء كنسج يلاحق بعضه بعضا وباختيارات
استعارية دقيقة لاشباع المعنى ، وعند تلك اللحظة يطلق الشاعر اخر نداءاته الحائرة





هلا تجئ


انثيالا
من النار


او
برعما صغيرا من صقيع


يتوارى
تحت ظلاله


حلما
برئ


فيوقد
الوجد


ويجمع
فينا الرجاء


بليلٍ
سخيٍ جرئ


كن
سريعا في تباشير البلاء


لازلت
احيا بكأسٍ عليل


قد
فارقْت عريَّ النوافذ


وعانقْت
فيك شحوب القناديل








لتكون
ختاما صعبا لتلك الحتمية وليكون الرماد المتقدم هوذلك الانثيال الناري الذي لا يذر
شيئا امامه الا واحرقه ، وهنا تتم الثلاثية التي افتتحها الشاعر بهذا الوضع الذي
يعد هو المفتاح رغم تاخره موضعا وكان الزمن هنا يكون في بون اخر لم يتوقف عنده
الجبوري لانه زمن جبري في اغلب خطواته ، ومع ذلك تتجلى في هذا المقطع رغم كل تلك
الالام بقعة من امل ووعد قادم ببهجة (( حلما ، لا زلت احيا ، الرجاء )) وكلها
ايحاءات بالامل ، وياتي التضاد الاخير ليختم نهاية الزمن الاول بهذا الزمن فبين ((
قنديل غياب ، شحوب القناديل )) يعيش الجبوري رحلة اخرى قد تكون ذات ابعاد لم تفهم
بعد ... عل ذلك البرعم يطويها في يوم

نص باذخ ونقد اشد تفرِّسا في حيثيات البوح


استطاع الناقد ان ينشر النور على الظلال ليعري المشاعر

بذاك الدفق الهائل من النور المتشظي المحيط بكل حرف

في ظل قراءة تفردت في تفكيك النص

وسبر اغواره مترامية الاطراف ليعيدها حكاية

ذات مفتاح متأخر ،

أبرز مايميز تلك القراءة هو

محاولة التماس الاسباب للشاعر في نظمه الحرف

في مثل قول الناقد :

((...وهنا نشهد ذلك الامتزاج بين المقطع
الاول والثاني ليحول السراب الى دم قان من الالم لكي يلتذ فيها اؤلئك الشاربون ))

وذلك منتهى التشخيص ،


قراءة ادبية نقديةبحرفية

لقصيدة رائعة

نجاح الطرفين ما يجعلني أفخر بوجودي بين نخبة كمثلهما

معاذ الله ان تكون قراءتي قراءة على نقد

ولا اريدها الا ان تكون انصافا لفكر وقاد يتبع منهجا متفردا في رؤية النص



لكما محبة وتقدير

كبيرين






،

ابو اديان الجبوري كتب:

الاديب الرائع

استاذي الفاضل

محمد العتابي

حين قرأت تحليلك النقدي

تراءى لي انك أمسكت بخيط الشمس

ورتقت به شقوقا وهنات

والبست حروفي ثياب التألق

لتصنع منها

روحا اخرى ....تتمدد بين ذراعيك

لتعلن زفافها....بين جمع من اناملك الرائعة


لك ....الشكر ...بحجم السماء

البرق اللامع

الجبوري

من رقي نصك تجسد الجمال فكان ضياءا ايها الراقي

محبتي