هو علم تعرف به وجوه تفيد الحسن في الكلام، بعد رعاية المطابقة، لمقتضى الحال، وبعد رعاية وضوح الدلالة على المرام، فإن هذه الوجوه إنما تعد محسنة بعد تينك الرعايتين، وإلا لكان كتعليق الدرر على أعناق الخنازير، ومرتبة هذه العلم بعد مرتبة علمي‏:‏ المعاني، والبيان، حتى أن بعضهم لم يجعله علماً على حدة، وجعله ذيلاً لها، لكن تأخر رتبته لا يمنع كونه علماً مستقلاً، ولو أعتبر ذلك لما كان كثير من العلوم علماً على حدة فتأمل، وظهر من هذا موضوعه، وغرضه، وغايته‏.‏ قال في‏:‏ ‏(‏‏(‏مدينة العلوم‏)‏‏)‏‏:‏ موضوعه‏:‏ اللفظ العربي من حيث التحسين، والتزيين العرضيين، بعد تكميل دائرتي الفصاحة، والبلاغة‏.‏ وغرضه‏:‏ تحصيل ملكة تحلية الكلام بالمحسنات العرضية، وغايته‏:‏ الاحتراز عن خلو الكلام عن التحلية المذكورة، ومنفعته‏:‏ النظرية لنشاط السامع، وزيادة القبول في العقول، ومباديه‏:‏ تتبع الخطب، والرسائل، والأشعار المتحلية بالصنائع البديعية‏.‏ انتهى‏.‏ وعبارة‏:‏ ‏(‏‏(‏الكشاف‏)‏‏)‏‏:‏ موضوعه اللفظ البليغ من حيث أن له توابع‏.‏ قال في‏:‏ ‏(‏‏(‏الكشف‏)‏‏)‏‏:‏ وأما منفعته‏:‏ فإظهار رونق الكلام حتى يلج الأذن بغير إذن، ويتعلق بالقلب من غير كد، وإنما دونوا هذا العلم لأن الأصل، وإن كان الحسن الذاتي، وكان المعاني، والبيان، مما يكفي في تحصيله، لكنهم اعتنوا بشأن الحسن العرضي أيضاً، لأن الحسناء إذا عريت عن المزينات ربما يذهل بعض القاهرين ‏(‏2/ 126‏)‏ عن تتبع محاسنها فيفوت التمتع بها، ثم إن وجوه التحسين الزائد إما‏:‏ راجعة إلى تحسين المعنى أصالة، وإن كان لا يخلو عن تحسين اللفظ تبعاً‏.‏ وإما‏:‏ راجعة إلى تحسين اللفظ كذلك، فالأولى‏:‏ تسمى معنوية، والثانية‏:‏ لفظية‏.‏ وهذا الفن ذكره أهل البيان في أواخر علم البيان إلا أن المتأخرين زادوا عليها شيئاً كثيراً، ونظموا فيه قصائد، وألفوا كتباً‏.‏ ومن الكتب المختصة بعلم البديع كتاب‏:‏ ‏(‏‏(‏البديع‏)‏‏)‏ لأبي العباس عبد الله بن المعتز العباسي، المتوفى سنة ست وتسعين ومائتين، وهو أول من صنف فيه وكان جملة ما جمع منها سبع عشرة نوعاً ألفه سنة أربع وسبعين ومائتين، ولأبى أحمد حسن العسكري، وشهاب الدين أحمد بن شمس الدين الخولي، المتوفى سنة ثلاث وتسعين وستمائة، و‏:‏ ‏(‏‏(‏زهرة الربيع‏)‏‏)‏ للشيخ المطرزي، ومنها‏:‏ ‏(‏‏(‏بديعيات الأدباء‏)‏‏)‏، وهي قصائد مع شروحها‏.‏ قال في‏:‏ ‏(‏‏(‏مدينة العلوم‏)‏‏)‏، و‏:‏ ‏(‏‏(‏البديع‏)‏‏)‏ للتيفاشي، و‏:‏ ‏(‏‏(‏التحرير والتحبير‏)‏‏)‏ لابن أبي الأصبع، و‏:‏ ‏(‏‏(‏شرح البديعيات‏)‏‏)‏ لابن حجة، ومن الكتب المشتملة على الفنون الثلاثة‏:‏ ‏(‏‏(‏روض الأذهان‏)‏‏)‏، وكذا‏:‏ ‏(‏‏(‏المصباح‏)‏‏)‏ لابن مالك، وكتاب‏:‏ ‏(‏‏(‏مفتاح العلوم‏)‏‏)‏ للسكاكي، اشتمل على هذه الثلاثة، وقدم عليها الاشتقاق، والنحو، والصرف، وأورد عقيب الثلاثة المذكورة بطريق التكملة على الاستدلال علم العروض، و القوافي، ودفع المطاعن عن القرآن، وله شروح كثيرة، ذكرها في‏:‏ ‏(‏‏(‏كشف الظنون‏)‏‏)‏ منها‏:‏ ‏(‏‏(‏شرح السعد التفتازاني‏)‏‏)‏‏.‏ ومن الكتب النافعة في العلوم المذكورة‏:‏ ‏(‏‏(‏تلخيص المفتاح‏)‏‏)‏ و‏:‏ ‏(‏‏(‏الإيضاح‏)‏‏)‏، وهو يجري مجرى الشرح لـ‏:‏ ‏(‏‏(‏التخليص‏)‏‏)‏، كلاهما لقاضي القضاة جلال لدين القزويني الشافعي‏.‏ ومن أراد الوقوف في علم البلاغة على العجب العجاب، والسحر في هذا الباب، فعليه بكتاب‏:‏ ‏(‏‏(‏دلائل الإعجاز‏)‏‏)‏، و‏:‏ ‏(‏‏(‏أسرار البلاغة‏)‏‏)‏، كلاهما من مؤلفات الشيخ عبد القاهر الجرجاني وقيل‏:‏ إن كتابيه في هذه الفنون بحران تنشعب منهما العيون ‏(‏2/ 127‏)‏ - والله أعلم -، و‏:‏ ‏(‏‏(‏حدائق البلاغة‏)‏‏)‏ للشيخ شمس الدين الفقير، وهي بالفارسية‏.‏ الموضوع منقول من كتاب أبجد العلوم للتقنوجي

******************