أَتَفَقَّدُنِي

أَتَفَقَّدُ صَمْتِيَ،

أَوْقَاتِيَ الهَارِبَهْ..

أَتَفَقَّدُ شَاهِدَةَ الوَحْمِ فِيْ..

أَتَفَقَّدُ أَجْرَاسَ أَحْلاَمِيَ الكَاذِبَهْ..

كَانَ أَيْلُولُ طِفْلاً حَزِيناً

وَ كَانَتْ تَجُوبُ سَمَاءَاتِنَا الطَّائِرَاتْ..

حَاصَرُونَا مِنَ الجِهَةِ المُتْعَبَهْ..

فَانْقَسَمْنَا إِلَى فَيْلَقَيْنِ

وَ زُلْزِلَتِ الأَرْضُ مِنْ تَحْتِ أَقْدَامِنَا

صَاحَ فِينَا:

- هَبُوا دَمَكُمْ لِلْغُزَاةْ..

كَانَ قَلْبِي مَعِي

غَيْرَ أَنِّي تَذَكَّرْتُ نَافُورَةَ المَاءِ فِي قُرْطُبَهْ

أَتَفَقَّدُ رَائِحَةَ المَاعِزِ،

اللَّبَنَ المُرَّ،

شَعْرَ الصَبيَّةِ،

شَكْلَ السُّنُونُو،

تَرَاتِيلَ اُمِّيَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ،

أَوْرَادَهَا الحَالِكَهْ..

وَ هْيَ تُجْبِرُنِي أَنْ أَرَى مِنْ خِلاَلِ الجِدَارْ..

أَنْ أُمَيِّزَ مَا بَيْنَ عُمْرَ الرَّصَاصَةِ

وَ المَعْرَكَهْ..

وَ تُحَدِّثُنِي عَنْ رَغِيفٍ تَسَامَى إِلَى قِمَّةِ الوَنْشَرِيسِ

وَ عَنْ إِخْوَةٍ أَنْتَ سَابِعُهُمْ

وَ البِحَارِ التِي لَمْ يَطَأْهَا أَبِي فِي الصِّغَرْ

عَنْ شُحُوبِ الحُرُوفِ الحَزِينَةِ

فِي لَوْحِ أَحْلاَمِنَا الغَارِبَهْ..

كَانَ قَلْبِي مَعِي

غَيْرَ أَنِّي تَذَكَّرْتُ نَافُورَةَ المَاءِ فِي قُرْطُبَهْ

أَتَفَقَّدُ مَا خَبَّأَتْهُ الجِرَاحَاتُ فِي شَجَرِ الأُرْزِ

مَا أَودَعَتْهُ المَعَارِكُ فِي سُحْنَةِ الثَّلِجِ

مَا نَسَيَتْهُ الحُقُولُ

وَ مَا ذَكَّرتْنِي بِهِ الرِّيحُ

فِي فَجْأَةِ الانْكِسَارَاتِ..

كَانَتْ رِبَاطَاتُ قَلْبِيَ سَاهِمَةً

تَنْسِجُ اللَّوْنَ

تَزهُو بِهِ فِي الثُّغُورِ الدَّفِينَةِ

تَحْنُو عَلَى كَلِمَاتِ الشَّوَاهِدِ

- ذَا حَجَرٌ مِنْ عَقِيقِ السِّنِينِ

وَ تِلْكَ المَرَايَا تَنَاثَرَ بِلَّوْرُهَا فِي التُّرَابِ الذِي حَرَسَتْهُ

الحَمَامَاتُ وَ العَنْكَبُوتُ الحَزِينِ

- هُنَا وَطَنٌ تَوَّجَتْهُ الخُطَى

فَتَدَلَّتْ نُبُوءَاتُهُ مِنْ يَنَابِيعِ هَذَا القَمَرْ

كَانَ قَلْبِي مَعِي..

غَيْرَ أَنِّي تَذَكَّرْتُ تِلْكَ الشُّمُوس التِي انْزَلَقَتْ

مِنْ يَدِي مَرَّتَيْنِ

وَ لَمْ تَنْكَسِرْ.