كل عام وأنتِ حبيبتي ..الجزء الخامس.5
دخلت المتجر...أبحث بين الرفوف...هذه ساعة...هذه دمية...برواز صورة قد تضع صورتها داخلها...لا...حسناً...سواراً....عقداً...آوووف أيضاً لا يا إلهي ماذا سأختار لها ...لطالما لم أكن أحب الحفلات والمناسبات وأعياد الميلاد...فإختيار هدية أشبه بإنتحار بالنسبة لي...فأنا لا أحب شراء الهدايا بطريقة عشوائية ولا أحسن الاختيار... وماذا سيليق بها ؟ ضاج رأسي بالأفكار...
" هلا سيدي" جاء الصوت من بعيد ....
" بماذا أخدمك " أضافت...
وإذا بي أرى إمرأة في الستين من العمر تقترب مني...وتفاصيل وجهها البشوش يغني عن كثرة الترحيب...أدركت مباشرة أنها صاحبة المتجر...
فقلت لها :" نعم لو سمحتي"...
قاطعتني :" بماذا أساعدك" ..
أجبتها:" أريد هدية ل..."
قاطعتني مجددا فلاحظة إرتباكي :" لفتاة أو لشاب وما هي المناسبة"...واتضح لي أنها أرادت إختصار الوقت...
أجبتها:" عيد ميلاد حبيبتي"...
قالت:" تريد شيئ مميز أكيد...؟"
أجبتها :" نعم ...هنا تكمن المشكلة...فأنا لا أعلم ماذا أبتاع لها...فلو إشتريت ذهب والياقوت ...هي أغلى جوهرة بالكون..."
رنت ضحكتها في أذنيّ ...فإبتسمت لها...وقلت :" آسف سيدتي كنت أفكر بصوت عالي..."...
أجابت :" لا عليك....حبك طبيعي ...وغلاها واضح عندك..."...
قلت :" نعم ...أكثر مما تتصورين...لها سنرتبط رسمياً عما قريب..." وإسترسلت بالحديث وللحظات نسيت نفسي ...ونسيت غايتي من دخول المتجر... وإنطلقت أحدثها عن محبوبتي... وبدأت أصف لها جمالها ورقتها وحسن طباعها...وفجأة إستفقت من غيبوبتي كاللذي صفع بالكف على وجهه....فقلت لها:" سيدتي أكثرت عليك بالكلام...لا بد أنني سببت لك الصداع ..."...
إبتسمت وأجابتني:" لا عليك...إسمع...لدي إقتراح رغم إنه لا يناسب سياسة عملي..."
إبتسمت لها إبتسامة صفراوية...ونظرت إليها نظرة متسائل ....
قالت:" أطلعتني إنكم على درب الخطوبة...ما رأيك لو تبتاع لها محبس؟..."...
إندهشت من فكرتها...وقلت :" يا لها من فكرة ممتازة...عصفورين بحجر واحد...كيف فاتتني...لماذا لم يخطر هذا ببالي...أشكرك جداً سيدتي فأنت انسانة طيبة كثيراً..." ودون شعور إندفعت وقبلتها على خدها كأنها العمة الحنونة...
فرفعت يدها ووضعتها على خدها وهي شاردة حيث طبعت لها القبلة وضحكت مجدداً وقالت:" أنا هي من يجب أن يشكرك...لدقيقة من الوقت ذكرتني بريعان شبابي...وأسعدت كثيراً لمجرد إحياؤك ذكرى لي من الماضي..."وأضافت:" هيا يا ولد إنطلق...الوقت يجري وليلك قد يهبط قريباً....مع الإشارة لي بيدها الى الخارج....خرجت مسرعاً وكان قلبي يترغل كالعصفور فرحاً والأفكار تتصارع في رأسي...مركزاً على فكرتين..." شراء محبس ....وإعداد مفاجأة "....
توجهت إلى بائع المجوهرات ...وإشتريت محبس يتميز بحصوص الكريستال الناعمة على هذه الدائرة الصغيرة...تبعاً الى المواصفات الدقيقة التي تحبها ...فهي دوماً تردد لي جملة :" الجمال يكمن في البساطة"... وأنا على يقين لو خيرتها من هذه المجموعة...لكانت إختارته من بين العشرات....
حسنا" إنتهت المهمة الأولى بنجاح ...لم يتبقى سوى إنجاز المهمة الثانية ....يجب التركيز والحذر ...كيف سأدعوها للخروج؟....هذا ما كان يجول بخاطري...
كانت حبيبتي قد أطلعتني مسبقاً عندما كنا سوياً في حفل ميلاد إحدى صديقاتها ...التي أعدت لنفسها الحفلة ...بأنها تفضل عدم الإكتراث لهذا اليوم ...على الإقدام والقيام لنفسها بحفلة مماثلة ....وإستنتجت من كلامها بأنها لمدة تسعة عشر عاماً لم يقدم أحد على مفاجأتها أو الاحتفال بميلادها...فركزت على هذه النقطة كي أكون أول من يأبى لذكرى ولادتها...
لم نكن نخرج مع بعض ...كنا نكتفي باللقاء والجلوس على مقعد حديقة الجامعة...فقد كانت من أسرة محافظة ...وتحترم آراء والديها بعدم الخروج والتسكع مع الشباب ...خاصة شباب الجامعة المراهقين...وكنا نستغل أي مناسبة قد تجتمعنا سويا" ....
إتصلت بها هاتفياً ...وطلبت منها أن تخرج إلى المكتبة المجاورة لمنزلها...لتجلب لي بعض القصص الجميلة من إختيارها الراقي...لأطالعهم وأتمتع بقرائتهم في وحدتي المملة مساءاً ...وسأعدو على الموظف المسؤول عن مبناهم لكي آخذهم...فأقتنعت بالفكرة وأغلقت معي سماعة الهاتف ...وبنشاطها المعتاد أقدمت على القيام بها....
وما أن رأيتها تخرج من المكتبة...اقتربت منها ...وصرخت لها بطريقة مرعبة مشيراً إليها بالصعود معي ...وكنت من الأشخاص الذين يتميزون بمهارة التمثيل ...حتى إعتقدت أن خلل ما قد أصابني...وصعدت معي بالسيارة دون تردد وكان كل تركيزها وخوفها يدور حول ما يجري مع حبيبها...إنطلقت بالقيادة ...وهي تسألني:" ما بك؟ ماذا حصل؟ ما خطبك؟ هل أصيب أحد بمكروه؟ "....لم أبالي بأسألتها وإستمريت بالقيادة بطريقة جنونية ...حتى إبتعدت كثيراً عن شارع منزلها...وكانت هي تنهال عليّ بالأسئلة المتكررة...أما أنا فكان تركيزي بإقناعها أن هناك كارثة ولا أستطيع التكلم...وكنت أصدر تمتمات تغلب على أسئلتها...وكلمات تحتاج الى مخبر فك شيفرات كي يستدرك ما أقول...مع إظهار علامات في ملامح وجهي تدل على الإرتباك والخوف....
كان الليل يستعد للهبوط...أكملت طريقي متوجهاً الى مفترق إحدى الجبال...وبسرعتي الجنونية وصلت الى قمة جبل ...أما هي فما زالت على وجهها علامات التساؤولات...وعندما أرقدت سيارتي على رأس هذا الجبل المرتفع المطل على منظر رائع خلاب ...ولا في الخيالات...أطفأت محرك السيارة...وإلتفت ناحيتها وقلت لها:" إنظري الى القمر في الأعلى فهو يراقبنا هذه الليلة ...والنجوم البراقة ضيوفنا...وربنا هو الشاهد الوحيد علينا...ما رأيك بهذه السهرة؟..."....
وما لبثت أن أنهيت جملتي حتى تساقطت دموعها بغزارة الشتاء من كثرة توترها ...وأمطرت بالبكاء تارةً والضحك تارةً أخرى....وإنهالت على صدري باللكمات تارةً وبمعانقتي تارةً أخرى...
فترجلنا من السيارة... وأخذتها بين ذراعيّ وبدأت ألتف بها كالقصص الخيالية التي تحلم بها ...وكانت الفرحة تغمرها وصراخها يعلو ويرتفع من شدة السعادة...وأدركت بسرعة بديهتها إنها مفاجأة عيد ميلادها..وكما دوماً أطلعتني برغباتها.... ركعت على ركبتيّ ومسكت يدها اليسار وبيدي محبس الخطوبة...وقلت لها :" أميرتي ...هل تقبلين بي زوجاً
لك...." ودون إنتظار ردّها... كان وجهها الخجول هو من أصدر حكم الجواب....والمحبس المتربع في أصبعها هو من أخذ نهاية القرار....
أمضينا ليلة ممتعة رغم خطورتها....وكان القمر والليل والنجوم يرقصون على نشيد أغنيتنا " أنا لحبيبي وحبيبي إلي"...وكان سحر اللقاء يطفو في المكان...وكل عام وأنتِ حبيبتي أنهيت بها سهرتي....
للمزيد بقية إنتظروني. ...
مساكم سرور
صدفة التقينا / بقلم عاشقة الروح / كل عام وأنتِ حبيبتي - الجزء الخامسالأحد أغسطس 04, 2013 9:18 pm
